معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ} (37)

{ لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } يشغله عن شأن غيره .

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد بن عبد الله ، أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا محمد بن عبد العزيز ، حدثنا ابن أبي أويس ، حدثنا أبي ، عن محمد بن أبي عياش ، عن عطاء بن يسار ، عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يبعث الناس حفاةً عراة غرلاً ، قد ألجمهم العرق وبلغ شحوم الآذان ، فقلت : يا رسول الله ، وا سوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض ؟ فقال : قد شغل الناس ، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ} (37)

والهول في هذا المشهد هول نفسي بحت ، يفزع النفس ويفصلها عن محيطها . ويستبد بها استبدادا . فلكل نفسه وشأنه ، ولديه الكفاية من الهم الخاص به ، الذي لا يدع له فضلة من وعي أو جهد : ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) . .

" والظلال الكامنة وراء هذه العبارة وفي طياتها ظلال عميقة سحيقة . فما يوجد أخصر ولا أشمل من هذا التعبير ، لتصوير الهم الذي يشغل الحس والضمير : ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) !

ذلك حال الخلق جميعا في هول ذلك اليوم . . إذا جاءت الصاخة . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ} (37)

لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه يكفيه في الاهتمام به وقرئ يعنيه أي يهمه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ يَوۡمَئِذٖ شَأۡنٞ يُغۡنِيهِ} (37)

وجملة : { لكل امرىء منهم يومئذٍ شأن يغنيه } مستأنفة استئنافاً ابتدائياً لزيادة تهويل اليوم ، وتنوينُ { شأن } للتعظيم .

وحيث كان فرار المرء من الأقرباء الخمسة يقتضي فرار كل قريب من أولئك من مثله كان الاستئناف جامعاً للجميع تصريحاً بذلك المقتضَى ، فقال : { لكل امرىء منهم يومئذٍ شأن يغنيه } أي عن الاشتغال بغيره من المذكورات بَلْهَ الاشتغال عمن هو دون أولئك في القرابة والصحبة .

والشأن : الحال المهم .

وتقديم الخبر في قوله : { لكل امرىء } على المبتدأ ليتأتى تنكير { شأن } الدال على التعظيم لأن العرب لا يبتدئون بالنكرة في جملتها إلا بمسوغ من مسوغاتتٍ عَدَّها النحاة بضعةَ عشر مسوغاً ، ومنها تقديم الخبر على المبتدإ .

والإِغناء : جعل الغير غنياً ، أي غير محتاج لشيء في غرضهِ . وأصل الإِغناء والغنى : حصول النافع المحتاج إليه ، قال تعالى : { وما أغنى عنكم من اللَّه من شيء } [ يوسف : 67 ] وقال : { ما أغنى عني ماليه } [ الحاقة : 28 ] . وقد استعمل هنا في معنى الإِشغال والإِشغال أعم .

فاستعمل الإغناء الذي هو نفع في معنى الإِشغال الأعم على وجه المجاز المرسل أو الاستعارة إيماء إلى أن المؤمنين يشغلهم عن قرابتهم المشركين فرط النعيم ورفع الدرجات كما دل عليه قوله عقبه : { وجوه يومئذٍ مسفرة } إلى آخر السورة .