معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا جَآءُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُواْ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكۡتُمُونَ} (61)

قوله تعالى : { وإذا جاؤوكم قالوا } ، يعني : هؤلاء المنافقين ، وقيل : هم الذين قالوا : { آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره } ، دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : قوله تعالى : { آمنا } بك ، وصدقناك فيما قلت ، وهم يسرون الكفر .

قوله تعالى : { وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به } ، يعني : دخلوا كافرين ، وخرجوا كافرين .

قوله تعالى : { والله أعلم بما كانوا يكتمون } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا جَآءُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُواْ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكۡتُمُونَ} (61)

51

ويمضي السياق في التنفير من موالاتهم بعرض صفاتهم وسماتهم - بعد عرض تاريخهم وجزائهم - ويجيء التحذير والتوعي7ة منهم بكشف ما يبيتون . . ويبرز اليهود كذلك في الصورة ، لأن الحديث عن وقائع جارية ، ومعظم الشر كان يجيء من قبل يهود :

( وإذا جاؤوكم قالوا : آمنا . وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به . والله أعلم بما كانوا يكتمون . وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان . وأكلهم السحت ، لبئس ما كانوا يعملون ! لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت . لبئس ما كانوا يصنعون ! وقالت اليهود : يد الله مغلولة . . غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ؛ بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء - وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا ، وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله . ويسعون في الأرض فسادا . والله لا يحب المفسدين ) . .

إنها عبارات تنشى ء صورا متحركة مشاهد حية - على طريقة التعبير القرآنية الفريدة - ومن وراء القرون يملك قارى ء هذه الآيات أن يشهد - بعين التصور - هؤلاء القوم الذين يتحدث عنهم القرآن من يهود - على الأرجح - فالسياق يتحدث عنهم ، وإن كان من الجائز أنه يعني كذلك بعض المنافقين في المدينة . . يشهدهم يجيئون للمسلمين فيقولون : آمنا . . ويشهد في جعبتهم " الكفر " وهم يدخلون به ويخرجون ؛ بينما ألسنتهم تقول غير ما في الجعبة من كفر يحملونه داخلين خارجين !

ولعلهم من يهود أولئك الذين كانوا يبيتون البلبلة وهم يقولون بعضهم لبعض : آمنوا بهذا القرآن وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون . . أي لعل المسلمين يرجعون عن دينهم بسبب هذه البلبلة والتشكيك الخبيث اللئيم .

( والله أعلم بما كانوا يكتمون ) . .

يقولها الله - سبحانه - لأنها الحقيقة ؛ ثم لكي يطمئن المؤمنون إلى كلاءة ربهم لهم ، وحفظهم من كيد عدوهم ؛ وإحاطته علما بهذا الكيد المكتوم ، ثم ليهدد أصحاب هذا الكيد لعلهم ينتهون !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا جَآءُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُواْ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكۡتُمُونَ} (61)

{ وإذا جاءوكم قالوا آمنا } نزلت في يهود نافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في عامة المنافقين . { وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به } أي يخرجون من عندك كما دخلوا لم يؤثر فيهم ما سمعوا منك ، والجملتان حالان من فاعل قالوا وبالكفر وبه حالان من فاعلي دخلوا وخرجوا ، وقد وإن دخلت لتقريب الماضي من الحال ليصح أن يقع حالا أفادت أيضا لما فيها من التوقع أن أمارة النفاق كانت لائحة عليهم ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يظنه ولذلك قال : { والله أعلم بما كانوا يكتمون } أي من الكفر ، وفيه وعيد لهم .