ثم ذكر تعالى حكمته في المعاد وقيام الأجساد يوم التناد ، فقال : { لِيُبَيِّنَ لَهُمُ } أي : للناس { الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } أي : من كل شيء ، و{ لِيَجْزِيَ{[16442]} الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى } [ النجم : 31 ] ، { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ } أي : في أيمانهم وأقسامهم : لا يبعث الله من يموت ؛ ولهذا يدعون يوم القيامة إلى نار جهنم دعا ، وتقول{[16443]} لهم الزبانية : { هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الطور : 14 - 16 ] .
{ ليبين } تعليل لقوله تعالى : { وعداً عليه حقاً } [ سورة النحل : 38 ] لقصد بيان حكمة جعله وعداً لازماً لا يتخلّف ، لأنه منوط بحكمة ، والله تعالى حكيم لا تجري أفعاله على خلاف الحكمة التامّة ، أي جعل البعث ليبيّن للناس الشيء الذي يختلفون فيه من الحقّ والباطل فيظهر حقّ المحقّ ويظهر باطل المبطل في العقائد ونحوها من أصول الدّين وما ألحق بها .
وشمل قوله : { يختلفون } كل معاني المحاسبة على الحقوق لأن تمييز الحقوق من المظالم كلّه محل اختلاف الناس وتنازعهم .
وعطف على هذه الحكمة العامّة حكمةٌ فرعيّة خاصّة بالمردود عليهم هنا ، وهي حصول العلم للّذين كفروا بأنهم كانوا كاذبين فيما اخترعوه من الشرك وتحريم الأشياء وإنكار البعث .
وفي حصول علمهم بذلك يوم البعث مثارٌ للندامة والتحسّر على ما فرط منهم من إنكاره . وقد تقدّم بيان حكمة الجزاء في يوم البعث في أول سورة يونس .
و { كانوا كاذبين } أقوى في الوصف بالكذب من ( كذَبوا أو كاذبون ) ، لما تدلّ عليه ( كان ) من الوجود زيادة على ما يقتضيه اسم الفاعل من الاتّصاف ، فكأنه قيل : وُجد كذبهم ووصفوا به . وكذبهم يستلزم أنهم معذّبون عقوبة على كذبهم . ففيه شتم صريح تعريض بالعقاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.