{ لِيُبَيّنَ لَهُمُ } غايةٌ لما دل عليه بلى من البعث ، والضمير لمن يموت إذ التبيينُ يعم المؤمنين أيضاً فإنهم وإن كانوا عالمين بذلك لأنه عند معاينةِ حقيقةِ الحال يتضح الأمرُ فيصل علمُهم إلى مرتبة عينِ اليقين ، أي يبعثهم ليبينَ لهم بذلك وبما يحصُل لهم من مشاهدة الأحوالِ كما هي ومعاينتِها بصورها الحقيقيةِ الشأن { الذي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } من الحق المنتظمِ لجميع ما خالفوه مما جاء به الشرعُ المبين ويدخل فيه البعثُ دخولاً أولياً { وَلِيَعْلَمَ الذين كَفَرُواْ } بالله سبحانه بالإشراك وإنكارِ البعث وتكذيبِ وعده الحق { أَنَّهُمْ كَانُواْ كاذبين } في كل ما يقولون لاسيما في قولهم : لا يبعث الله من يموت ، والتعبيرُ عن الحق بالموصول للدِلالة على فخامته وللإشعار بعلية ما ذكر في حيز الصلةِ للتبيين وما عُطف عليه وما جعلهما غاية للبعث المشار إليه باعتبار ورودِه في معرِض الردّ على المخالفين ، وإبطال مقالةِ المعاندين المستدعي للتعرض لما يردعهم عن المخالفة ويُلجِئهم إلى الإذعان للحق ، فإن الكفرة إذا علِموا أن تحقيقَ البعث إذا كان لتبيين أنه حق وليعلموا أنهم كانوا كاذبين في إنكاره كان ذلك أزجرَ لهم عن إنكاره وأدعى إلى الاعتراف به ضرورة أنه يدل على صدق العزيمةِ على تحقيقه كما تقول لمن ينكر أنك تصلّي : لأصَلينّ رغماً لأنفك وإظهاراً لكذبك ، ولأن تكررَ الغايات أدلُّ على وقوع الفعل المُغيّا بها وإلا فالغايةُ الأصلية للبعث باعتباره ذاتَه إنما هو الجزاءُ الذي هو الغايةُ القصوى للخلق المُغيّا بمعرفته عز وجل وعبادته ، وإنما لم يُذكر ذلك لتكرر ذكرِه في مواضعَ أُخَرَ وشهرتِه ، وإنما لم يُدرَج علمُ الكفار بكذبهم تحت التبيين بأن يقال : وإن الذين كفروا كانوا كاذبين ، بل جيء بصيغة العلم لأن ذلك ليس مما تعلق به التبيينُ الذي هو عبارةٌ عن إظهار ما كان مُبهماً قبل ذلك بأن يخبرَ به فيُختلفَ فيه ، كالبعث الذي نطق به القرآن فاختلف فيه المختلفون ، وأما كذِبُ الكافرين فليس من هذا القبيل فما يتعلق به علمٌ ضروريٌّ حاصل هلم من قِبل أنفسِهم ، وقد مر تحقيقُه في سورة التوبة عند قوله تعالى : { حتى يَتَبَيَّنَ لَكَ الذين صَدَقُواْ } وإنما خُص الإسنادُ بهم حيث لم يقل : { وليعلموا أن الكافرين } الآية ، لأن علمَ المؤمنين بذلك حاصل قبل ذلك أيضاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.