معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ لَا تَخۡتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدۡ قَدَّمۡتُ إِلَيۡكُم بِٱلۡوَعِيدِ} (28)

قوله تعالى : { قال } يعني يقول الله { لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد } القرآن وأنذرتكم وحذرتكم على لسان الرسول ، وقضيت عليكم ما أنا قاض .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ لَا تَخۡتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدۡ قَدَّمۡتُ إِلَيۡكُم بِٱلۡوَعِيدِ} (28)

16

هنا يجيء القول الفصل ، فينهي كل قول : ( قال : لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد - ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ) . . فالمقام ليس مقام اختصام . وقد سبق الوعيد محددا جزاء كل عمل . وكل شيء مسجل لا يبدل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ لَا تَخۡتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدۡ قَدَّمۡتُ إِلَيۡكُم بِٱلۡوَعِيدِ} (28)

وقوله : { قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ } يقول{[27318]} الرب عز وجل للإنسي وقرينه من الجن ، وذلك أنهما يختصمان بين يدي الحق فيقول الإنسي : يا رب ، هذا أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني . ويقول الشيطان : { رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } أي : عن منهج الحق . فيقول الرب عز وجل لهما : { لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ } أي : عندي ، { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ } أي : قد أعذرت إليكم على ألسنة الرسل ، وأنزلت الكتب ، وقامت عليكم الحجج والبينات والبراهين .


[27318]:- (3) في م: "يقوله".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ لَا تَخۡتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدۡ قَدَّمۡتُ إِلَيۡكُم بِٱلۡوَعِيدِ} (28)

وقوله تعالى : { لا تختصموا لدي } معناه : قال الله { لا تختصموا لدي } بهذا النوع من المقاولة التي لا تفيد شيئاً إذ قد استوجب جميعكم النار ، وقد أخبر بأنه تقع الخصومة لديه في الظلامات ونحوها مما فيه اختصاص . واقتضاء فائدة بقوله تعالى : { ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون }{[10542]} [ الزمر : 31 ] ، وجمع الضمير في قوله : { لا تختصموا } يريد بذلك مخاطبة جميع القرناء ، إذ هو أمر شائع لا يقف على اثنين فقط ، وهذا كما يقول الحاكم لخصمين : لا تغلطوا علي ، يريد الخصمين ومن هو في حكمهما . وتقدمته إلى الناس بالوعيد هو ما جاءت به الرسل والكتب من تعظيم الكفرة .

المعنى : قدمت بالوعيد أني أعذب الكفار في ناري ، فلا يبدل قولي ولا ينقص ما أبرمه كلامي .


[10542]:الآية(31) من سورة (الزمر).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ لَا تَخۡتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدۡ قَدَّمۡتُ إِلَيۡكُم بِٱلۡوَعِيدِ} (28)

هذا حكاية كلام يصدر يومئذٍ من جانب الله تعالى للفريقين الذي اتَّبعوا والذين اتُّبعوا ، فالضمير عائد على غير مذكور في الكلام يدل عليه قوله : { فكشفنا عنكَ غطاءك } [ ق : 22 ] .

وعدم عطف فعل { قال } على ما قبله لوقوعه في معرض المقاولة ، والتعبير بصيغة الماضي لتحقق وقوعه فقد صارت المقاولة بين ثلاثةِ جوانب .

والاختصام : المخاصمة وهو مصدر بصيغة الافتعال التي الأصل فيها أنها لمطاوعة بعض الأفعال فاستعملت للتفاعل مثل : اجتوروا واعتوروا واختصموا .

والنهي عن المخاصمة بينهم يقتضي أن النفوس الكافرة ادعت أن قرناءها أطْغَوْها ، وأن القرناء تنصلوا من ذلك وأن النفوس أعادت رَمي قرنائها بذلك فصار خصاماً فلذلك قال الله تعالى : { لا تختصموا لدى } وطوي ذكره لدلالة { لا تختصموا } عليه إيثارا لحق الإيجاز في الكلام . والنهي عن الاختصام بعد وقوعه بتأويل النهي عن الدوام عليه ، أي كفوا عن الخصام .

ومعنى النهي أن الخصام في ذلك لا جدوى له لأن استواء الفريقين في الكفر كاففٍ في مؤاخذة كليهما على السواء كما قال تعالى : { قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون } [ الأعراف : 38 ] ، وذلك كناية عن أن حكم الله عليهم قد تقرر فلا يفيدهم التخاصم لإلقاء التبعة على أحد الفريقين .

ووجه استوائهما في العذاب أن الداعي إلى إضلاله قائم بما اشتهته نفسه من ترويج الباطل دون نظر في الدلائل الوزاعة عنه وأن متلقّي الباطل ممن دعاه إليه قائم بما اشتهته نفسه من الطاعة لأيمة الضلال فاستويا في الداعي وترتُّب أثره .

والواو في { وقد قدمت } واو الحال . والجملة حال من ضمير { تختصموا } وهي حال معللة للنهي عن الاختصام .

والمعنى : لا تطمعوا في أنّ تدافعكم في إلقاء التَبعة ينجيكم من العقاب بعد حال إنذاركم بالوعيد من وقت حياتكم فما اكترثتم بالوعيد فلا تلوموا إلا أنفسكم لأن من أنذر فقد أعذر .

فقوله : { وقد قدمت إليكم بالوعيد } كناية عن عدم الانتفاع بالخصام كون العقاب عدلاً من الله . والباء في { بالوعيد } مزيدة للتأكيد كقوله : { وامسحوا برؤوسكم } [ المائدة : 6 ] . والمعنى : وقد قدمت إليكم الوعيد قبل اليوم .

والتقديم : جَعْل الشيء قدام غيره . المراد به هنا : كونه سابقاً على المؤاخذة بالشرك لأن الله توعدهم بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم .