مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ لَا تَخۡتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدۡ قَدَّمۡتُ إِلَيۡكُم بِٱلۡوَعِيدِ} (28)

ثم قال تعالى : { قال لا تختصموا لدي } .

قد ذكرنا أن هذا دليل على أن هناك كلاما قبل قوله { قال قرينه ربنا ما أطغيته } وهو قول الملقى في النار ربنا أطغاني وقوله { لا تختصموا لدي } يفيد مفهومه أن الاختصام كان ينبغي أن يكون قبل الحضور والوقوف بين يدي .

وقوله تعالى : { وقد قدمت إليكم بالوعيد } .

تقرير للمنع من الاختصام وبيان لعدم فائدته ، كأنه يقول قد قلت إنكم إذا اتبعتم الشيطان تدخلون النار وقد اتبعتموه ، فإن قيل ما حكم الباء في قوله تعالى : { بالوعيد } ؟ قلنا فيها وجوه ( أحدها ) أنها مزيدة كما في قوله تعالى { تنبت بالدهن } ، على قول من قال إنها هناك زائدة ، وقوله { وكفى بالله } ( وثانيها ) معدية فقدمت بمعنى تقدمت كما في قوله تعالى : { يأيها الذين ءامنوا لا تقدموا بين يدي الله } ( ثالثها ) في الكلام إضمار تقديره ، وقد قدمت إليكم مقترنا بالوعيد { ما يبدل القول لدي } فيكون المقدم هو قوله ، ما يبدل القول لدي ، ( رابعها ) هي المصاحبة يقول القائل : اشتريت الفرس بلجامه وسرجه أي معه فيكون كأنه تعالى قال : قدمت إليكم ما يجب مع الوعيد على تركه بالإنذار .