نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالَ لَا تَخۡتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدۡ قَدَّمۡتُ إِلَيۡكُم بِٱلۡوَعِيدِ} (28)

ولما كان كأنه قيل : بم يجاب عن هذا ؟ وهل يقبل منه ؟ قيل : لا { قال } أي الملك المحيط علماً وقدرة الذي حكم عليهم في الأزل : { لا تختصموا } أي لا توقعوا الخصومة بهذا الجد والاجتهاد { لديَّ } أي في دار الجزاء بهذه الحضرة التي هي فوق ما كنتم تدركونه من الأخبار عنها بكثير ، وأعجب بما يدرك حق الإدراك ، فقد أتم انكشاف ما كان يستغربه الخاصة بل خاصة الخاصة ، ففات بانكشافها نفع إيمان جديد { وقد } أي والحال أنه قد { قدمت } أي تقدمت ، أي أمرت وأوصيت قبل هذا الوقت موصلاً ومنهياً { إليكم } أي كل ما ينبغي تقديمه حتى لم يبق لبس ولا تركت لأحد حجة بوجه ، وجعلت ذلك رفقاً بكم ملتبساً{[61213]} { بالوعيد * } أي التهديد وهو التخويف العظيم على جميع ما ارتكبتموه من الكفران والعدوان في الوقت الذي كانت فيه هذه-{[61214]} الحضرة التي هي غيب الغيب ومستورة بستائر الكبرياء والعظمة وبل كان ما دونها من الغيب مستوراً ، فكان الإيمان به نافعاً .


[61213]:من مد، وفي الأصل: مكتسبا
[61214]:زيد من مد.