معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (5)

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (5)

ومرة أخرى يعود إلى ملكية السماوات والأرض في مجال آخر غير الذي وردت فيه أول مرة :

( له ملك السماوات والأرض . وإلى الله ترجع الأمور ) . .

ففي المرة الأولى جاء ذكرها في معرض الإحياء والإماتة والقدرة المطلقة . وهنا يجيء ذكرها في معرض رجعة الأمور كلها إلى الله . وهي متصلة بملكية الله للسماوات والأرض ومكملة لحقيقتها .

والشعور بهذه الحقيقة يحرس القلب من كل لفتة لغير الله في أي أمر . في أول الأمر وفي آخره . ويحميه من التطلع لغير الله في أي طلب ، ومراقبة غير الله في أي عمل . ويقيمه على الطريق إلى الله في سره وعلنه ، وحركته وسكونه ، وخوالجه ونجواه . وهو يعلم أن لا مهرب من الله إلا إليه ، ولا ملجأ منه إلا إلى حماه !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (5)

وقوله : { لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } أي : هو المالك للدنيا والآخرة كما قال : { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأولَى } [ الليل : 13 ] ، وهو المحمود على ذلك ، كما قال : { وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأولَى وَالآخِرَةِ } [ القصص : 70 ] ، وقال { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } [ سبأ : 1 ] . فجميع ما في السماوات والأرض ملك له ، وأهلهما عبيد أرقاء أذلاء بين يديه كما قال : { إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا } [ مريم : 93 - 95 ] . ولهذا قال : { وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } أي : إليه المرجع يوم القيامة ، فيحكم في خلقه بما يشاء ، وهو العادل الذي لا يجور ولا يظلم مثقال ذرة ، بل إن يكن أحدهم عمل حسنة واحدة يضاعفها إلى عشر أمثالها ، { وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } [ النساء : 40 ] وكما قال تعالى : { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [ الأنبياء : 47 ] .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (5)

له ملك السموات والأرض ذكره مع الإعادة كما ذكره مع الإداء لأنه كالمقدمة لهما وإلى الله ترجع الأمور .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (5)

{ لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض } .

هذا تأكيد لنظيره الذي في أول هذه السورة كرر ليبنى عليه قوله : { وإلى الله ترجع الأمور } ، فكان ذكره في أول السورة مبنيَّاً عليه التصرفُ في الموجودات القابلة للحياة والموت في الدنيا ، وكان ذكره هنا مبنيًّا عليه أن أمور الموجودات كلّها ترجع إلى تصرفه .

وتقديم المسند لقصر الإِلهية عليه تعالى فيفيذ صفة الواحد .

{ وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمُورُ } .

عطف على { له ملك السموات والأرض } عطفَ الخاص من وجه على العام منه فيما يتعلق بالأمور الجارية في الدنيا ، وعطف المغاير فيما يتعلق بالأمور التي تجري يوم القيامة على ما سيتضح في تفسير معنى { الأمور } .

فالأمور : جمع أمر ، واشتهر في اللغة أن الأمر اسم للشأن والحادث فيعم الأفعال والأقوال .

وقال ابن عطية : { الأمور } هنا : جميع الموجودات لأن الأمر والشيء والموجود أسماء شائعة في جميع الموجودات : أعراضِها وجواهرها » اه . ولم أره لغيره . وفي « المحصول » و« شرحه » في أصول الفقه ، ومن تبعه من كتب أصول الفقه أن كلمة ( أمر ) مشتركة بين الفعل والقول والشأن والشيء ولم أر عزو ذلك إلى معروف ولا أتوا له بمثال سالم عن النظر ولا أحسب أن ذلك من اللغة .

فإن أَخَذْنَا بالمشهور في اللغة كان المعنى تَرجع أفعال الناس إلى الله ، أي ترجع في الحشر ، والمراد : رجوع أهلها للجزاء على أعمالهم إذ لا يتعلق الرجوع بحقائقها ، فعطف قوله : { وإلى الله ترجع الأمور } تتميم لجملة { له ملك السموات والأرض } ، أي له ملك العوالم في الدنيا وله التصرف في أعمال العقلاء من أهلها في الآخرة .

وإن أخذنا بشمول اسم الأمور للذوات كان مفيداً لإِثبات البعث ، أي الذوات التي كانت في الدنيا تصير إلى الله يوم القيامة فيجازيها على أعمالها .

وعلى كلا الاحتمالين فمفادهُ مفاد اسمه ( المهيمن ) .

وتعريف الجمع في { الأمور } من صيغ العموم .

وتقديم المجرور على متعلّقه للاهتمام لا للقصر إذ لا مقتضى للقصر الحقيقي ولا داعي للقصر الإضافي إذ لا يوجد من الكفار من يثبت البعث ولا من زعموا أن الناس يصيرون في تصرف غير الله .

والرجوع : مستعار للكوننِ في مكان غير المكان الذي كان فيه دون سبق مغادرة عن هذا المكان .

وإظهار اسم الجلالة دون أن يقول : وإليه ترجع الأمور ، لتكون الجملة مستقلة بما دلت عليه فتكون كالمَثل صالحة للتسيير .

وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم وأبو جعفر { ترجع } بضم التاء وفتح الجيم على معنى يرجعها مُرجع وهو الله قسراً . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ويعقوب وخلف { تَرجِع } بفتح التاء وكسر الجيم ، أي ترجع من تلقاء أنفسها لأنها مسخرة لذلك في آجالها .