قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان لم يطمثن إنس قبلهم ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان* متكئين على رفرف خضر } قال سعيد بن جبير : الرفرف : رياض الجنة . خضر : مخضبة . ويروى ذلك عن ابن عباس ، واحدتها رفرفة ، وقال : الرفارف جمع الجمع . وقيل : الرفرف : البسط ، وهو قول الحسن ومقاتل والقرظي وروى العوفي عن ابن عباس : الرفرف : فضول المجالس والبسط . وقال الضحاك وقتادة : هي مجالس خضر فوق الفرش . وقال ابن كيسان : هي المرافق . وقال ابن عيينة الزرابي . وقال غيره : كل ثوب عريض عند العرب فهو رفرف . { وعبقري حسان } هي الزرابي والطنافس الثخان ، وهي جمع ، واحدتها عبقرية ، وقال قتادة : العبقري : عتاق الزرابي ، وقال أبو العالية : هي الطنافس المخملة إلى الرقة . وقال القتيبي : كل ثوب موشىً عند العرب : عبقري . وقال أبو عبيدة : هو منسوب إلى أرض يعمل بها الوشي . قال الخليل : كل جليل نفيس فاخر من الرجال وغيرهم عند العرب : عبقري ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر رضي الله عنه : " فلم أر عبقرياً يفري فريه " .
وقوله : { مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الرفرف : المحابس . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهما : هي المحابس . وقال العلاء بن بدر{[27957]} الرفرف على السرير ، كهيئة المحابس المتدلي .
وقال عاصم الجحدري : { مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ } يعني : الوسائد . وهو قول الحسن البصري في رواية عنه .
وقال أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير في قوله : { مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ } قال : الرفرف : رياض الجنة .
وقوله : { وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } : قال ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي : العبقري : الزرابي . وقال سعيد بن جبير : هي عتاق الزرابي ، يعني : جيادها .
وقال مجاهد : العبقري : الديباج .
وسئل الحسن البصري عن قوله : { وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } فقال : هي بسط أهل الجنة - لا أبا لكم -
فاطلبوها . وعن الحسن [ البصري ] {[27958]} رواية : أنها المرافق . وقال زيد بن أسلم : العبقري : أحمر وأصفر وأخضر . وسئل العلاء بن زيد عن العبقري ، فقال : البسط أسفل من ذلك . وقال أبو حَزْرَة {[27959]} يعقوب بن مجاهد : العبقري : من ثياب أهل الجنة ، لا يعرفه أحد . وقال أبو العالية : العبقري : الطنافس المخْمَلة ، إلى الرقة ما هي . وقال القتيبي : كل ثوب مُوَشى عند العرب عبقري . وقال أبو عبيدة : هو منسوب إلى أرض يعمل بها الوشي . وقال الخليل بن أحمد : كل شيء يسر{[27960]} من الرجال وغير ذلك يسمى عند العرب عبقريا . ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر : " فلم أر عبقريا يفري فريه " {[27961]} .
وعلى كل تقدير فصفة مرافق أهل الجنتين الأوليين أرفع وأعلى من هذه الصفة ؛ فإنه قد قال هناك : { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } ، فنعت بطائن فرشهم وسكت عن ظهائرها {[27962]} ، اكتفاءً بما مدح به البطائن بطريق الأولى والأحرى . وتمام الخاتمة أنه قال بعد الصفات المتقدمة : { هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ } فوصف أهلها بالإحسان وهو أعلى المراتب والنهايات ، كما في حديث جبريل لما سأل عن الإسلام ، ثم الإيمان . فهذه وجوه عديدة في تفضيل الجنتين الأوليين على هاتين الأخيريين{[27963]} ، ونسأل الله الكريم الوهاب أن يجعلنا من أهل الأوليين .
القول في تأويل قوله تعالى : { مُتّكِئِينَ عَلَىَ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيّ حِسَانٍ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * تَبَارَكَ اسْمُ رَبّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ } .
يقول تعالى ذكره : ينعم هؤلاء الذين أكرمهم جلّ ثناؤه هذه الكرامة التي وصفها في هذه الاَيات في الجنتين اللتين وصفهما مُتّكِئِينَ على زَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيّ حِسانِ .
واختلف أهل التأويل في معنى الرفرف ، فقال بعضهم : هي رياض الجنة ، واحدتها : رفرفة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَير أنه قال فِي هذه الاَية مُتّكِئِينَ على رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال : رياض الجنة .
حدثنا عباس بن محمد ، قال : حدثنا أبو نوح ، قال : أخبرنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَير ، مثله .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا سعيد بن جُبَير ، فِي قوله : مُتّكِئِينَ على رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال : الرفرف : رياض الجنة .
وقال آخرون : هي المحابس . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : مُتّكِئِينَ على رَفْرَفٍ خُضْر يقول : المحابس .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : مُتّكِئِينَ على رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال : الرفرف : فضول المحابس والبسط .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : مُتّكِئينَ على رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال : هي البسط أهل المدينة يقولون : هي البسط .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كُهيل الحضرميّ ، عن رجل يقال له غزوان رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال : فضول المحابس .
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن هارون ، عن عنترة ، عن أبيه ، قال : فضول الفُرُش والمحابس .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن مروان ، في قوله : رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال : فضول المحابس .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : مُتّكِئِينَ على رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال : الرفرف الخضر : المحابس .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال : محابس خضر .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : رَفْرَفٍ خُضْرٍ قال : هي المحابس .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مُتّكِئِينَ على رَفرَفٍ خُضْرٍ قال : الرفرف : المحابس .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : قال الحسن : الرفرف : مرافق خُضْر ، وأما العبقريّ ، فإنه الطنافس الثخان ، وهي جماع ، واحدها : عبقرية . وقد ذُكر أن العرب تسمي كل شيء من البسط عبقريا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وعَبْقَرِيّ حِسانٍ قال : الزرابيّ .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، وعَبْقَرِيّ حِسانٍ قال : العبقريّ : الزرابيّ الحسان .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَير ، في قوله : عَبْقَرِيَ حِسانٍ قال : العبقريّ : عتاق الزرابيّ .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : العبقريّ . الزرابيّ .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة عَبْقَرِيّ حِسانٍ قال : الزرابيّ .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وعَبْقَرِيّ حِسانٍ قال : زرابيّ .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَعَبْقَرِيّ حِسانٍ قال : العبقريّ : الطنافس .
وقال آخرون : العبقريّ : الديباج . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مجاهد وَعَبْقَرِيّ حِسانٍ قال : هو الديباج . والقرّاء في جميع الأمصار على قراءة ذلك على رَفْرَفٍ خُضْر وَعَبْقَرِيّ حِسانٍ بغير ألف في كلا الحرفين . وذُكر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم خبر غير محفوظ ، ولا صحيح السند «على رَفارِفَ خُضْرٍ وعَباقِرِيّ » بالألف والإجراء . وذُكر عن زُهير الفرقبي أنه كان يقرأ «على رَفارِفَ خُضْرٍ » بالألف وترك الإجراء «وَعَباقِرِيّ حِسانٍ » بالألف أيضا ، وبغير إجراء . وأما الرفارف في هذه القراءة ، فإنها قد تحتمل وجه الصواب . وأما العباقريّ ، فإنه لا وجه له في الصواب عند أهل العربية ، لأن ألف الجماع لا يكون بعدها أربعة أحرف ، ولا ثلاثة صحاح . وأما القراءة الأولى التي ذُكرت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فلو كانت صحيحة ، لوجب أن تكون الكلمتان غير مجراتين .
والرفرف : ما تدلى من الأسرة من غالي الثياب والبسط : وكذلك قال ابن عباس وغيره : إنها فضول المحابيس والبسط ، وقال ابن جبير ، الرفرف : رياض الجنة .
قال القاضي أبو محمد : والأول أصوب وأبين ، ووجه قول ابن جبير : إنه من رف البيت ، إذا تنعم وحسن ، وما تدلى حول الخباء من الخرقة الهفافة يسمى رفرفاً ، وكذلك يسميه الناس اليوم . وقال الحسن ابن أبي الحسن ، الرفرف : المرافق ، والعبقري : بسط حسان فيها صور وغير ذلك ، تصنع بعبقر ، وهو موضع يعمل فيه الوشي والديباج ونحوه قال ابن عباس : العبقري : الزرابي . وقال ابن زيد : هي الطنافس . وقال مجاهد : هي الديباج الغليظ .
وقرأ زهير الفرقبي{[10862]} : «رفارفَ » بالجمع وترك الصرف . وقرأ أبو طمعة المدني : وعاصم في بعض ما روي عنه «رفارفٍ » بالصرف ، وكذلك قرأ عثمان بن عفان : «رفارفٍ وعباقرٍ » بالجمع والصرف ، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم{[10863]} ، وغلط الزجاج والرماني هذه القراءة . وقرأ أيضاً عثمان في بعض ما روي عنه : «عبَاقَر » : بفتح القاف والباء ، وهذا على أن اسم الموضع «عبَاقَر » بفتح القاف ، والصحيح في اسم الموضع : «عبقر » ، قال الشاعر [ امرؤ القيس ] : [ الطويل ]
كأن صليل المروحين تشذه . . . صليل الزيوف بنتقدن بعبقرا{[10864]}
قال الخليل والأصمعي : إذا استحسنت شيئاً واستجادته قالت { عبقرى } .
قال القاضي أبو محمد : ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريه »{[10865]} وقال عبد الله بن عمر : العبقري سيد القوم وعينهم . وقال زهير : [ الطويل ]
بخيل عليها جنة عبقرية . . . جديرون يوماً أن ينالوا فيستعلوا{[10866]}
ويقال عبقر : مسكن للجن . وقال ذو الرمة : [ البسيط ]
حتى كأن رياض القف ألبسها . . . من وشي عبقر تجليل وتنجيد{[10867]}
و { متكئين } : حال من { ولمن خاف مقام ربه } كررت بدون عطف لأنها في مقام تعداد النعم وهو مقام يقتضي التكرير استئنافاً .
والرفرف : ضرب من البسط ، وهو اسم جمع رَفرفة ، وهي ما يبسط على الفراش ليُنام عليه ، وهي تنسج على شبه الرياض ويغلب عليها اللون الأخضر ، ولذلك شبه ذو الرمة الرياض بالبسط العبقرية في قوله :
حتّى كأنَّ رياض القُف ألبسَها *** مِن وَشْي عَبقَرَ تجْليل وتنجيد
فوصفها في الآية بأنها { خضر } وصف كاشف لاستحضار اللون الأخضر لأنه يسرّ الناظر .
وكانت الثياب الخضر عزيزة وهي لباس الملوك والكبراء ، قال النابغة :
يصونون أجساداً قديماً نعيمُها *** بخالصة الأرْدَان خُضْرِ المناكب
وكانت الثياب المصبوغة بالألوان الثابتة التي لا يزيلها الغسل نادرة لقلة الأصباغ الثابتة ولا تكاد تعدو الأخضر والأحمر ويسمّى الأرجواني .
وأما المتداول من إصباغ الثياب عند العرب فهو ما صُبغ بالورس والزعفران فيكون أصفر ، وما عدا ذلك فإنما لونه لون ما ينسج منه من صوف الغنم أبيض أو أسود أو من وبر أو من كتان أبيض أو كان من شَعَر المعز الأسود .
و { حسان } : جمع حسناء وهو صفة ل { رفرف } إذ هو اسم جمع .
وعبقري : وصف لما كان فائقاً في صنفه عزيز الوجود وهو نسبة إلى عبقر بفتح فسكون ففتح اسم بلاد الجنّ في معتقد العرب فَنَسَبوا إليه كل ما تجاوز العادة في الإِتقان والحسن ، حتى كأنه ليس من الأصناف المعروفة في أرض البشر ، قال زهير :
بِخَيْل عليها جِنة عبقرية *** جديرون يوماً أن ينَالوا ويسْتَعْلُوا
فشاع ذلك فصار العبقري وصفاً للفائق في صنفه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما حكاه من رؤيا القليب الذي استسقَى منه « ثم أخذها ( أي الذَنوبَ ) عُمر فاستحالت غَرباً فلم أَرَ عَبقَريًّا يَفري فَرِيَّة » . وإلى هذا أشار المعري بقوله :
وقد كان أرباب الفصاحة كلما *** رَأوا حَسَناً عَدُّوه من صنعَة الجن
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{متكئين على رفرف خضر} يعني المحابس فوق الفرش {وعبقري حسان} يعني لزرابي، وهي الطنافس المخملة، وهي الحسان...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: ينعم هؤلاء الذين أكرمهم جلّ ثناؤه هذه الكرامة التي وصفها في هذه الآيات في الجنتين اللتين وصفهما" مُتّكِئِينَ على زَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيّ حِسانِ". واختلف أهل التأويل في معنى الرفرف؛
فقال بعضهم: هي رياض الجنة، واحدتها: رفرفة...
وأما العبقريّ، فإنه الطنافس الثخان، وهي جماع، واحدها: عبقرية. وقد ذُكر أن العرب تسمي كل شيء من البسط عبقريا.
وقال آخرون: العبقريّ: الديباج...
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} فيه ستة تأويلات:
الرابع: أنها الفرش المرتفعة، مأخوذ من الرف.
الخامس: أنها المجالس يتكئون على فضولها.
{وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} فيه أربعة أقاويل:
الثالث: أنها ثياب في الجنة لا يعرفها أحد...
الرابع: أنها ثياب الدنيا تنسب إلى عبقر.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
والرفارف...،أصله من رف النبت يرف إذا صار غضا نضرا. وقيل: لما في الأطراف رفرف، لأنه كالنبت الغض الذي يرف من غضاضته. والخضر جمع أخضر.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
العبقري عند العرب كلُّ ثوبٍ مُوَشَّى.
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
الرفرف كل فرش يرتفع، مأخوذ من الرف، وهو المرتفع في الجدار. وعبقري: قرية باليمن ينسج بها الوشي، وهم ينسبون إليها كل شيء حسن. وقد ذكر بعضهم أن العبقري هاهنا: هو الوشي.
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :
الرفارف:... هي مجالس خضر فوق الفرش...
كل ثوب عريض عند العرب فهو رفرف...العبقري: عتاق الزرابي.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
والرفرف: ما تدلى من الأسرة من غالي الثياب والبسط،العبقري:...
{متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان، فبأي آلاء ربكما تكذبان}...
الرفرف إما أن يكون أصله من رف الزرع إذا بلغ من نضارته فيكون مناسبا لقوله تعالى: {مدهامتان} ويكون التقدير أنهم متكئون على الرياض والثياب العبقرية، وإما أن يكون من رفرفة الطائر، وهي حومة في الهواء حول ما يريد النزول عليه فيكون المعنى أنهم على بسط مرفوعة كما قال تعالى: {وفرش مرفوعة} وهذا يدل على أن قوله تعالى: {ومن دونهما جنتان} أنهما دونهما في المكان حيث رفعت فرشهم... إذ قلنا: إن الرفرف هي البسط فما الفائدة في الخضر حيث وصف تعالى ثياب الجنة بكونها خضرا قال تعالى: {ثياب سندس خضر}؟
نقول: ميل الناس إلى اللون الأخضر في الدنيا أكثر فذكر الله تعالى في الآخرة ما هو على مقتضى طبعه في الدنيا.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
إن الرفرف شيء إذا استوى عليه صاحبه رفرف به وأهوى به كالمرجاح يمينا وشمالا ورفعا وخفضا يتلذذ به مع أنسيته، فهذا الرفرف الذي سخره الله لأهل الجنتين الدانيتين هو متكاهما وفرشهما، يرفرف بالولي على حافات تلك الأنهار وشطوطها حيث شاء إلى خيام أزواجه الخيرات الحسان.ثم قال: "وعبقري حسان " فالعبقري ثياب منقوشة تبسط، فإذا قال خالق النقوش إنها حسان فما ظنك بتلك العباقر!. وقال الخليل: كل جليل نافس فاضل وفاخر من الرجال والنساء وغيرهم عند العرب عبقري.
التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :
رفرف:.. هو فضول الثياب التي تتخذ الملوك في الفرش وغيره.قال ابن الأعرابي: الرفرف هاهنا طرف الفسطاط. فشبه ما فضل من المحابس عما تحته بطرف الفسطاط، فسمى رفرفا. وكل ما فضل من شيء فثُنِيَ وعُطف: فهو رفرف...
. عبقري.. يقال: أنه نسب إلى «عبقر»، وهي أرض يسكنها الجن، فصار مثلا لكل منسوب إلى شيء رفيع،...وقال أبو الحسن الواحدي: وهذا القول هو الصحيح في «العبقري». وذلك أن العرب إذا بالغت في وصف شيء نسبته إلى الجن، أو شبهته بهم،هذا هو الأصل، ثم صار العبقري نعتا لكل ما بولغ في صفته. فتأمل كيف وصف الله سبحانه وتعالى «الفرش» بأنها مرفوعة، و«الزرابي» أنها مبثوثة، و«النمارق» بأنها مصفوفة، فرفع الفرش دال على سمكها ولينها. وبث الزرابي دال على كثرتها، وأنها في كل موضع، لا يختص بها صدر المجلس دون مؤخره، ووصف المساند يدل على أنها مهيأة للاستناد إليها دائما، ليست مخبأة تصف في وقت دون وقت.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{متكئين} أي لهم ذلك في حال الاتكاء ديدناً لأنهم لا شغل لهم بوجه إلا التمتع {على رفرف} أي ثياب ناعمة وفرش رقيقة النسج من الديباج لينة ووسائد عظيمة ورياض باهرة وبسط لها أطراف فاضلة، ورفرف السحاب هدبه أي ذيله المتدلي. ولما كان الأخضر أحسن الألوان وأبهجها قال: {خضر وعبقري} أي متاع كامل من البسط وغيرها هو في كماله وغرابته كأنه من عمل الجن، والعبقري الكامل من كل شيء، {حسان} أي هي في غاية من كمال الصنعة وحسن المنظر لا توصف
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
و {متكئين}: حال من {ولمن خاف مقام ربه} كررت بدون عطف لأنها في مقام تعداد النعم وهو مقام يقتضي التكرير استئنافاً.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
«رفرف» في الأصل بمعنى الأوراق الواسعة للأشجار، ثمّ أطلقت على الأقمشة الملوّنة الزاهية التي تشبه مناظر الحدائق...
«عبقري» في الأصل بمعنى كلّ موجود قلّ نظيره، ولذا يقال للعلماء الذين يندر وجودهم بين الناس (عباقرة) ويعتقد الكثير أنّ كلمة (عبقر) كان في البداية اسما لمدينة (بريان) انتخبه العرب لها، لأنّ هذه المدينة كانت في مكان غير معلوم ونادر. لذا فإنّ كلّ موضوع يقلّ نظيره ينسب لها ويقال «عبقري». وذكر البعض أنّ «عبقر» كانت مدينة تحاك فيها أفضل المنسوجات الحريرية...والمعنى الأصلي لهذه الكلمة متروك في الوقت الحاضر وتستعمل كلمة «عبقري» ككلمة مستقلّة بمعنى نادر الوجود، وتأتي جمعاً في بعض الأحيان، كما في الآية مورد البحث. و (حسان) جمع (حسن) على وزن «نسب» بمعنى جيّد ولطيف.. وعلى كلّ حال فإنّ هذه التعابير حاكية جميعاً عن أنّ كلّ موجودات الجنّة رائعة: الفاكهة، الغذاء، القصور، الأفرشة.. والخلاصة أنّ كلّ شيء فيها لا نظير له ولا شبيه في نوعه.