معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

قوله تعالى : { وأن الله ليس بظلام للعبيد كدأب آل فرعون } ، كفعل آل فرعون وصنيعهم ، وعادتهم ، معناه : أن عادة هؤلاء في كفرهم كعادة آل فرعون . قال ابن عباس : هو أن آل فرعون أيقنوا أن موسى نبي من الله فكذبوه ، كذلك هؤلاء جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالصدق فكذبوه ، فأنزل الله بهم عقوبة كما أنزل بآل فرعون .

قوله تعالى : { والذين من قبلهم } ، كعادة الذين من قبلهم .

قوله تعالى : { كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

41

وننتقل من هذه الوقفة الخاطفة ، مع السياق في انتقاله إلى تقرير الحقيقة الكلية وراء هذا المشهد . . إن أخذ الذين كفروا بالمهانة والعذاب ، سنة ماضية لا تتخلف ولا تتبدل ؛ فهذا هو المصير المحتوم الذي جرت به السنة من قديم :

( كدأب آل فرعون والذين من قبلهم ؛ كفروا بآيات الله ، فأخذهم الله بذنوبهم ، إن الله قوي شديد العقاب ) . .

إن الله - سبحانه - لا يكل الناس إلى فلتات عابرة ، ولا إلى جزاف لا ضابط له . . إنما هي سنته يمضي بها قدره . . وما أصاب المشركين في يوم بدر ، هو ما يصيب المشركين في كل وقت ؛ وقد أصاب آل فرعون والذين من قبلهم :

( كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم ) . .

ولم يعجزوه - سبحانه - ولم يتخلف عنهم عقابه :

( إن الله قوي شديد العقاب ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

يقول تعالى : فعل هؤلاء المشركون المكذبون{[13089]} بما أرسلت به يا محمد ، كما فعل الأمم المكذبة قبلهم ، ففعلنا بهم ما هو دأبنا ، أي : عادتنا وسنتنا في أمثالهم من المكذبين من آل فرعون ومن قبلهم من الأمم المكذبة بالرسل ، الكافرين بآيات الله . { فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ } [ أي : بسبب ذنوبهم أهلكهم ، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر ]{[13090]} { إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ } أي : لا يغلبه غالب ، ولا يفوته هارب .


[13089]:في م: "المشركين المكذبين".
[13090]:زيادة من د، ك، م.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

القول في تأويل قوله تعالى : { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنّ اللّهَ قَوِيّ شَدِيدُ الْعِقَابِ } .

يقول تعالى ذكره : فعل هؤلاء المشركون من قريش الذين قتلوا ببدر كعادة قوم فرعون وصنيعهم وفعلهم ، وفعل من كذب بحجج الله ورسله من الأمم الخالية قبلهم ، ففعلنا بهم كفعلنا بأولئك . وقد بيّنا فيما مضى أن الدأب : هو الشأن والعادة ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

حدثني الحرث ، قال : ثني عبد العزيز ، قال : حدثنا شيبان ، عن جابر ، عن عامر ومجاهد وعطاء : كَدأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ : كفعل آل فرعون ، كسنن آل فرعون .

وقوله : فَأخَذَهُمُ اللّهُ بذُنُوِبِهِمْ يقول : فعاقبهم الله بتكذيبهم حججه ورسله ومعصيتهم ربهم ، كما عاقب أشكالهم والأمم الذين قبلهم . إنّ اللّهَ قَوِيّ لا يغلبه غالب ولا يردّ قضاءه رادّ ، ينفذ أمره ويمضي قضاءه في خلقه ، شديد عقابه لمن كفر بآياته وجحد حججه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

{ كدأب آل فرعون } أي دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون وهو عملهم وطريقهم الذي دأبوا فيه أي داموا عليه . { والذين من قبلهم } من قبل آل فرعون . { كفروا بآيات الله } تفسير لدأبهم . { فأخذهم الله بذنوبهم } كما أخذ هؤلاء . { إن الله قوي شديد العقاب } لا يغلبه في دفعه شيء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

وقوله { كدأب آل فرعون } الآية ، الدأب : العادة في كلام العرب ، ومنه قول امرىء القيس : [ الطويل ]

كدأبك من أم الحويرث قبلها*** وجارتها أم الرباب بمأسل{[5413]}

ويروى كدينك ، ومنه قول خراش بن زهير العامري :

فما زال ذاك الدأب حتى تخاذلت*** هوازن وارفضَّت سليم وعامر

وهو مأخوذ من دأب على العمل إذا لزمه ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ، لصاحب الجميل الذي هش إليه وأقبل نحوه وقد ذل ودمعت عيناه : «إنه شكا إليّ أنك تجيعه وتدئبه{[5414]} » فكأن العادة ُدؤوب ما .

وقال جابر بن زيد وعامر الشعبي ومجاهد وعطاء : المعنى كسنن آل فرعون ، ويحتمل أن يراد كعادة آل فرعون وغيرهم ، فتكون عادة الأمم بجملتها لا على انفراد أمة ، إذ آل فرعون لم يكفروا وأهلكوا مراراً بل لكل أمة مرة واحدة ، ويحتمل أن يكون المراد كعادة الله فيهم ، فأضاف العادة إليهم إذ لهم نسبة إليها يضاف المصدر إلى الفاعل وإلى المفعول ، والكاف من قوله { كدأب } يجوز أن يتعلق بقوله { وذوقوا } وفيه بعد ، والكاف على هذا في موضع نصب نعت لمصدر محذوف ، ويجوز أن تتعلق بقوله { قدمت أيديكم } وموضعها أيضاً على هذا نصب كما تقدم ، ويجوز أن يكون معنى الكلام الأمر مثل دأب آل فرعون فتكون الكاف في موضع خبر الابتداء ، وقوله { فأخذهم } معناه أهلكهم وأتى عليهم بقرينة قوله { بذنوبهم } ثم ابتدأ الإخبار بقوة الله تعالى وشدة عقابه .


[5413]:- البيت من معلقة امرئ القيس، والدأب: العادة، ومأسل: موضع ماء، وأم الحُويرث وأم الرباب: اسما امرأتين، والخطاب في قوله "كدأبك" لنفسه، فهو يلومها على شغفه وهيامه بالنساء مما يسبب له العذاب والدموع، فبعد حبّه لأم الحويرث ولأم الرباب لم يتعظ، ولم يرعو ويرجع عن الحب، بل دأب عليه معانيا ما فيه من لوعة وشقاء.
[5414]:- الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والدارمي في سننه، ولفظه كما في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن جعفر، قال: (أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فأسرّ إليّ حديثا لا أخبر به أحدا أبدا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ ما استتر به في حاجته هدف أو حائش نخل، فدخل يوما حائطا من حيطان الأنصار، فإذا جمل قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه فسكن، = فقال: من صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال: أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملّككها الله؟ إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه) (المسند 1/204).