معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَوۡ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدۡنَٰهُمۡ فَإِنَّا عَلَيۡهِم مُّقۡتَدِرُونَ} (42)

قوله تعالى : { فإنا عليهم مقتدرون } قادرون ، متى شئنا عذبناهم ، وأراد به مشركي مكة انتقم منهم يوم بدر ، وهذا قول أكثر المفسرين ، وقال الحسن وقتادة : عنى به أهل الإسلام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نقمة شديدة في أمته ، فأكرم الله نبيه وذهب به ولم يره في أمته إلا الذي يقر عينه ، وأبقى النقمة بعده . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أري ما يصيب أمته بعده فما رئي ضاحكاً منبسطاً حتى قبضه الله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدۡنَٰهُمۡ فَإِنَّا عَلَيۡهِم مُّقۡتَدِرُونَ} (42)

26

وإذا قدر له الحياة حتى يتحقق ما أنذرهم به ، فالله قادر على تحقيق النذير ، وهم ليسوا له بمعجزين . ومرد الأمر إلى مشيئة الله وقدرته في الحالين ، وهو صاحب الدعوة . وما الرسول إلا رسول .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوۡ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدۡنَٰهُمۡ فَإِنَّا عَلَيۡهِم مُّقۡتَدِرُونَ} (42)

ثم قال : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } أي : لا بد أن ننتقم منهم ونعاقبهم ، ولو ذهبت أنت ، { أَوْ {[26050]} نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ } أي : نحن قادرون على هذا وعلى هذا . ولم يقبض الله رسوله حتى أقر عينه من أعدائه ، وحكمه في نواصيهم ، وملكه ما تضمنته صياصيهم . هذا معنى قول السدي ، واختاره ابن جرير .

وقال ابن جرير{[26051]} حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن{[26052]} ثور ، عن معمر قال : تلا قتادة : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } فقال : ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقيت النقمة ، ولم يُرِ الله{[26053]} نبيه صلى الله عليه وسلم في أمته شيئا يكرهه ، حتى مضى{[26054]} ، ولم يكن نبي قط إلا ورأى {[26055]} العقوبة في أمته ، إلا نبيكم صلى الله عليه وسلم . قال : وذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرِيَ ما يصيب أمته من بعده ، فما رُئِي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله عز وجل . {[26056]}

وذكر من رواية سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة نحوه . ثم روى ابن جرير عن الحسن نحو ذلك أيضا .

وفي الحديث : " النجوم أمنة للسماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما تُوعَدُ ، وأنا أمَنَة لأصحابي ، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون " . {[26057]}


[26050]:- (1) في ت، أ: "وإما" وهو خطأ.
[26051]:- (2) في ت: "وروى هو قال".
[26052]:- (3) في ت: "أبو".
[26053]:- (4) في أ: "الله تعالى".
[26054]:- (5) في ت، م: "قبض".
[26055]:- (6) في ت، م، أ: "إلا وقد رأى".
[26056]:- (7) تفسير الطبري (25/45).
[26057]:- (8) رواه مسلم في صحيحه برقم (2531) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَوۡ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدۡنَٰهُمۡ فَإِنَّا عَلَيۡهِم مُّقۡتَدِرُونَ} (42)

وقوله : فإمّا نَذْهَبّنَ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ اختلف أهل التأويل في المعنيين بهذا الوعيد ، فقال بعضهم : عُنِي به أهل الإسلام من أمة نبينا عليه الصلاة والسلام . ذكر من قال ذلك :

حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، قال : ثني أبي ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن ، في قوله : فإمّا نَذْهَبنّ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ قال : لقد كانت بعد نبيّ الله نقمة شديدة ، فأكرم الله جلّ ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يريه في أمته ما كان من النقمة بعده .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فإمّا نَذْهَبنّ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ فذهب الله بنبيه صلى الله عليه وسلم ، ولم ير في أمته إلا الذي تقرّ به عينه ، وأبقى الله النقمة بعده ، وليس من نبيّ إلا وقد رأى في أمته العقوبة ، أو قال ما لا يشتهي . ذُكر لنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أُري الذي لقيت أمته بعده ، فما زال منقبضا ما انبسط ضاحكا حتى لقي الله تبارك وتعالى .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : تلا قتادة فإمّا نَذْهَبنّ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ فقال : ذهب النبيّ صلى الله عليه وسلم وبقيت النقمة ، ولم يُرِ الله نبيه صلى الله عليه وسلم في أمته شيئا يكرهه حتى مضى ، ولم يكن نبيّ قطّ إلا رأى العقوبة في أمته ، إلا نبيكم صلى الله عليه وسلم . قال : وذُكر لنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أُري ما يصيب أمته بعده ، فما رُئي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله .

وقال آخرون : بل عنى به أهل الشرك من قريش ، وقالوا : قد رأى الله نبيه عليه الصلاة والسلام فيهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : فإمّا نَذْهَبنّ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ كما انتقمنا من الأمم الماضية أوْ نُرِيَنّكَ الّذِي وَعْدْناهُمْ فقد أراه الله ذلك وأظهره عليه وهذا القول الثاني أولى التأويلين في ذلك بالصواب وذلك أن ذلك في سياق خبر الله عن المشركين فلأن يكون ذلك تهديدا لهم أولى من أن يكون وعيدا لمن لم يجر له ذكر . فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك : فإن نذهب بك يا محمد من بين أظهر هؤلاء المشركين ، فنخرجَك من بينهم فَإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ، كما فعلنا ذلك بغيرهم من الأمم المكذّبة رسلها ، أَوْ نُرِيَنّكَ الّذِي وَعَدْناهُمْ يا محمد من الظفر بهم ، وإعلائك عليهم فَإنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ أن نظهرك عليهم ، ونخزيهم بيدك وأيدي المؤمنين بك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَوۡ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدۡنَٰهُمۡ فَإِنَّا عَلَيۡهِم مُّقۡتَدِرُونَ} (42)

{ أو نرينك الذي وعدناهم } أو إن أردنا أن نريك ما وعدناهم من العذاب ، وقرأ يعقوب برواية رويس أو { نرينك } بإسكان النون وكذا { نذهبن } . { فإنا عليهم مقتدرون } لا يفوتوننا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَوۡ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدۡنَٰهُمۡ فَإِنَّا عَلَيۡهِم مُّقۡتَدِرُونَ} (42)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{أو نرينك} في حياتك.

{الذي وعدناهم} من العذاب {فإنا عليهم مقتدرون}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"أَوْ نُرِيَنّكَ الّذِي وَعَدْناهُمْ" يا محمد من الظفر بهم، وإعلائك عليهم.

"فَإنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ" أن نظهرك عليهم، ونخزيهم بيدك وأيدي المؤمنين بك.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{أو نرينك} وأنت بينهم.

{الذي وعدناهم} أي من العذاب وعبر فيه بالوعد ليدل على الخير بلفظه وعلى الشر بأسلوبه فيعم.

{فإنا} بما تعلم من عظمتنا التي أنت أعلم الخلق بها.

{عليهم مقتدرون} على كلا التقديرين...

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

في التعبير بالوعد وهو سبحانه لا يخلف الميعاد- إشارة إلى أن ذلك سيقع حتما وهكذا كان، فإنه لم يقبض رسوله حتى أقر عينيه من أعدائه، وحكمه في نواصيهم، وملكه ما تضمنته صياصيهم،

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

المراد ب {الذي وعدناهم} الانتقامُ المأخوذ من قوله: {فإنا منهم منتقمون}.

والاقتدار: شدة القدرة... والمعنى: أننا منتقمون منهم في الدّنيا سواء كنت حيّاً أو بعد موتك، أي فالانتقام منهم من شأننا وليس من شأنك؛ لأنه من أجْل إعراضهم عن أمرنا وديننا، ولعله لدفع استبطاء النبي صلى الله عليه وسلم أو المسلمين تأخير الانتقام من المشركين؛ ولأن المشركين كانوا يتربصون بالنبي الموت فيستريحوا من دعوته فأعلمه الله أنه لا يفلتهم من الانتقام على تقدير موته...