{ أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين ( 40 ) فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون ( 41 ) أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ( 42 ) فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم ( 43 ) وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ( 44 ) واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ( 45 ) } [ 40 – 45 ] .
وجه الخطاب في الآيات للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لتقول له :
1- إنه ليس من شأنه ولا واجبه أن يسمع الأصم أو يجعل الأعمى يرى أو يقنع من كان مرتكسا في ضلال عن عمد ومكابرة وعناد .
2- وإن هؤلاء لن يعجزوا الله في أي حال ، فهو قادر عليهم منتقم منهم سواء أعاش حتى يرى تحقيق وعيد الله فيهم بعينيه ، أم جاءه قضاء الله قبل ذلك وذهب به .
3- وإن المطلوب منه هو الاستمساك بما أوحى الله إليه به فهو على طريق الله المستقيم ، وفيه ذكر وشرف خالدان له ولقومه وهم مسؤولون عن تبعته وحقه أمام الله .
4- وإن الله لا يمكن أن يكون قد أذن للناس أن يعبدوا إلها غيره ، وهذا مؤيد بشهادة الرسل الذين أرسلهم الله قبله فليسألهم ليتأكد من ذلك .
والآيات متصلة بموضوع الآيات السابقة التي نددت بالكفار المشركين ووصفت شدة عنادهم ومكابرتهم . وفيها تثبيت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في موقفه ودعوته ، وتسرية عنه لما يلقاه من عناد الكفار ومكابرتهم . وفيها تدعيم للتأويل الذي أولنا به الآيات السابقة وبخاصة تعبير { ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين ( 36 ) } .
والآية الأخيرة هي على ما يتبادر للرد على المشركين في زعمهم أن ما هم عليه هو من هدى الله وأن لو شاء لما عبدوا الملائكة وأشركوهم معه . وأسلوبها أسلوب تحد ونفي معا . والمفسرون{[1844]} يروون عن ابن عباس قولين في المقصود من جملة : { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا } أحدهما أن الله عز وجل جمع المرسلين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الإسراء وأمره أن يسألهم ولكنه لم يشك ولم يسأل ، وثانيهما أن الجملة عنت أهل الكتاب أو مؤمني أهل الكتاب ، ومعظم المفسرين أخذوا بهذا القول وهو الأوجه . وفي القرآن آيات عديدة فيها أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم باستشهاد أهل الكتاب مما يدعم هذا القول . ومن ذلك آية سورة يونس هذه : { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ( 94 ) } وفي سورة الأنبياء آية في نفس الصدد الذي جاءت فيه الآية هي : { أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ( 24 ) } وجملة { وذكر من قبلي } بمعنى كتب الأنبياء من قبلي أو أخبارهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.