معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَمَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَهُۥ جَزَآءً ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَسَنَقُولُ لَهُۥ مِنۡ أَمۡرِنَا يُسۡرٗا} (88)

قوله تعالى : { وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاءً الحسنى } ، قرأ حمزة ، والكسائي وحفص ، ويعقوب : جزاءً منصوباً منوناً أي : فله الحسنى جزاء نصب على المصدر . وقرأ الآخرون : بالرفع على الإضافة ، والحسنى : الجنة أضاف الجزاء إليها ، كما قال : { ولدار الآخرة خير } [ يوسف – 9 ] ، والدار : هي الآخرة . وقيل : المراد بالحسنى على هذه القراءة : الأعمال الصالحة أي : له جزاء الأعمال الصالحة . { وسنقول له من أمرنا يسراً } أي : نلين له القول ، ونعامله باليسر من أمرنا . وقال مجاهد : يسراً أي : معروفا ً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَمَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَهُۥ جَزَآءً ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَسَنَقُولُ لَهُۥ مِنۡ أَمۡرِنَا يُسۡرٗا} (88)

83

( وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً )

أما المؤمنون الصالحون فلهم الجزاء الحسن ، والمعاملة الطيبة ، والتكريم والمعونة والتيسير .

وهذا هو دستور الحكم الصالح . فالمؤمن الصالح ينبغي أن يجد الكرامة والتيسير والجزاء الحسن عند الحاكم . والمعتدي الظالم يجب أن يلقى العذاب والإيذاء . . وحين يجد المحسن في الجماعة جزاء إحسانه جزاء حسنا ، ومكانا كريما وعونا وتيسيرا ؛ ويجد المعتدي جزاء إفساده عقوبة وإهانة وجفوة . . عندئذ يجد الناس ما يحفزهم إلى الصلاح والإنتاج . أما حين يضطرب ميزان الحكم فإذا المعتدون المفسدون مقربون إلى الحاكم مقدمون في الدولة ؛ وإذا العاملون الصالحون منبوذون أو محاربون . فعندئذ تتحول السلطة في يد الحاكم سوط عذاب وأداة إفساد . ويصير نظام الجماعة إلى الفوضى والفساد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَمَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَهُۥ جَزَآءً ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَسَنَقُولُ لَهُۥ مِنۡ أَمۡرِنَا يُسۡرٗا} (88)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَأَمّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً الْحُسْنَىَ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } .

يقول : وأما من صدّق الله منهم ووحدّه ، وعمل بطاعته ، فله عند الله الحسنى ، وهي الجنة ، جزاء يعني ثوابا على إيمانه ، وطاعته ربه .

وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة وبعض أهل البصرة والكوفة : «فَلَهُ جَزَاءُ الحُسْنَى » برفع الجزاء وإضافته إلى الحسنى .

وإذا قرىء ذلك كذلك ، فله وجهان من التأويل :

أحدهما : أن يجعل الحسنى مرادا بها إيمانه وأعماله الصالحة ، فيكون معنى الكلام إذا أريد بها ذلك : وإما من آمن وعمل صالحا فله جزاؤها ، يعني جزاء هذه الأفعال الحسنة .

والوجه الثاني : أن يكون معنيا بالحسنى : الجنة ، وأضيف الجزاء إليها ، كما قيل وَلَدَارُ الاَخِرَةِ خَيْرٌ والدار : هي الاَخرة ، وكما قال : وَذلكَ دِينُ القَيّمَة والدين : هو القيم .

وقرأ آخرون : فَلَهُ جَزَاءً الحُسْنى بمعنى : فله الجنة جزاء فيكون الجزاء منصوبا على المصدر ، بمعنى : يجازيهم جزاء الجنة .

وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندي قراءة من قرأه : فَلَهُ جَزاءً الحُسْنَى بنصب الجزاء وتنوينه على المعنى الذي وصفت ، من أن لهم الجنة جزاء ، فيكون الجزاء نصبا على التفسير .

وقوله : وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أمْرِنا يُسْرا يقول : وسنعلمه نحن في الدنيا ما تيسر لنا تعليمه مما يقرّ به إلى الله ويلين له من القول . وكان مجاهدا يقول نحوا مما قلنا في ذلك .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى «ح » وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : مِنْ أمْرِنا يُسْرا قال معروفا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .