الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَمَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَهُۥ جَزَآءً ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَسَنَقُولُ لَهُۥ مِنۡ أَمۡرِنَا يُسۡرٗا} (88)

قوله : { جَزَآءً الْحُسْنَى } : قرأ الأخوان وحفصٌ بنصب " جزاءً " وتنوينِه . والباقون برفعِه مضافاً . فالنصبُ على المصدر المؤكِّد لمضمونِ الجملة ، فتُنْصَبُ بمضمرٍ أو مؤكِّدٍ لعاملٍ مِنْ لفظِه مقدرٍٍ ، أي : يَجْزِي جزاء . وتكونُ الجملةُ معترضةً بين المبتدأ وخبرِه المقدَّمِ عليه . وقد يُعْترض على الأولِ : بأنَّ المصدرَ المؤكِّدَ لمضمونِ جملةٍ لا يتقدَّمُ عليها ، فكذا لا يَتَوسَّط . وفيه نظرٌ يحتمل الجوازَ والمنعَ ، وهو إلى الجوازِ أقربُ .

الثالث : أنه في موضع الحالِ . والقراءةُ الثانية رفعُه فيها على الابتداء ، والخبرُ الجارُّ قبلَه . و " الحُسْنى " مضاف إليها . والمرادُ بالحُسْنى الجنَّةُ . وقيل : الفَعْلَة الحسنى .

الرابع : نصبُه على التفسيرِ . قاله الفراء . يعني التمييزَ . وهو بعيدٌ .

وقرأ ابن عباس ومسروقٌ بالنصبِ والإِضافةِ . وفيها تخريجان ، أحدُهما : أنَّ المبتدأَ محذوفٌ ، وهو العاملُ في " جزاءَ الحسنى " التقديرُ : فله الجزاءُ جزاءَ الحسنى . والثاني : أنه حَذَفَ التنوينَ لالتقاءِ الساكنين كقوله :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** ولا ذاكرَ اللهَ إلاَّ قليلا

ذكره المهدويُّ .

وقرأ عبد الله وابن أبي إسحاق " جزاءً " مرفوعاً منوناً على الابتداء . و " الحُسْنى " بدلٌ أو بيان ، أو منصوبةٌ بإضمار " أَعْني " ، أو خبرُ مبتدأ مضمرٍ .

و " يُسْراً " نعتُ مصدرٍ محذوفٍ ، أي : قولاً ذا يُسْرٍ . وقرأ أبو جعفر بضمِّ " اليُسْر " حيث وَرَدَ .