معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

قوله تعالى : { وخلقنا لهم من مثله ما يركبون } قيل : أراد به السفن الصغار التي عملت بعد سفينة نوح على هيئتها . وقيل : أراد بالسفن التي تجري في الأنهار ، فهي في الأنهار كالفلك الكبار في البحار ، هذا قول قتادة ، و الضحاك وغيرهما :

وروي عن ابن عباس أنه قال : ( ( وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ) ) ، يعني : الإبل ، فالإبل في البر كالسفن في البحر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

30

ثم جعل الله لهم من مثله هذه السفن التي تمخر بهم العباب . وهؤلاء وهؤلاء حملتهم قدرة الله ونواميسه التي تحكم الكون وتصرفه ؛ وتجعل الفلك يعوم على وجه الماء ، بحكم خواص الفلك ، وخواص الماء ، وخواص الريح أو البخار ، أو الطاقة المنطلقة من الذرة ، أو غيرها من القوى . وكلها من أمر الله وخلقه وتقديره .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

وقوله : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ يقول تعالى ذكره : وخلقنا لهؤلاء المشركين المكذّبيك يا محمد ، تفضلاً منا عليهم ، من مثل ذلك الفلك الذي كنا حملنا من ذرّية آدم مَنْ حملنا فيه الذي يركبونه من المراكب .

ثم اختلف أهل التأويل في الذي عُني بقوله : ما يَرْكَبُونَ فقال بعضهم : هي السفن . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الفضل بن الصباح ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس قال : تدرون ما وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ ؟ قلنا : لا . قال : هي السفن جُعلت من بعد سفينة نوح على مِثْلها .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، عن السديّ ، عن أبي مالك في قوله : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال : السفن الصغار .

قال : ثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، عن السديّ ، عن أبي مالك ، في قوله : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال : السفن الصغار ، ألا ترى أنه قال : وَإنْ نَشأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ ؟ .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن في هذه الاَية : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال : السفن الصغار .

حدثنا حاتم بن الضبّي ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، عن شعبة ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال : السفن الصغار .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ يعني : السفن التي اتخذت بعدها ، يعني بعد سفينة نوح .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال : هي السفن التي ينتفع بها .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال : وهي هذه الفلك .

حدثني يونس ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال : نعم من مثل سفينة .

وقال آخرون : بل عُني بذلك الإبل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثنا أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ يعني : الإبل ، خَلَقها الله كما رأيت ، فهي سفن البرّ ، يُحْمَلون عليها ويركبونها .

حدثنا نصر بن عليّ ، قال : حدثنا غندر ، عن عثمان بن غياث ، عن عكرمة وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال : الإبل .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن السديّ ، قال : قال عبد الله بن شدّاد : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ هي الإبل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال : من الأنعام .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : قال الحسن : هي الإبل .

وأشبه القولين بتأويل ذلك قول مَن قال : عُنِي بذلك السفن ، وذلك لدلالة قوله : وَإنْ نَشأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ على أن ذلك كذلك ، وذلك أن الغرق معلوم أن لا يكون إلا في الماء ، ولا غرق في البرّ .