الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

وقوله تعالى : { وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الفلك } الآية ، ذكرَ الذريةَ لِضَعْفِهم عن السفر ، فالنعمةُ فيهم أمْكَنُ ، والضمير المتصل بالذريات ، هو ضميرُ الجنس ، كأنه قال : ذرياتُ جنسِهم أو نوعِهم ؛ هذا أصح ما يتجه في هذا ، وأما معنى الآية ؛ فقال ابن عباس وجماعةٌ : يريد بالذرياتِ المحمولينَ أصحابَ نوحٍ في السفينةِ ، ويريد بقوله : { مِّن مِّثْلِهِ } السفن الموجودةَ في جنسِ بني آدم إلى يوم القيامة ، وإيَّاها أرَادَ بقوله : { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } ، وقال مجاهدٌ وغيرُه : المراد بقوله : { نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم } : السفنُ الموجودةُ في بني آدم إلى يوم القيامة ، ويريد بقوله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } الإبلَ وسائرَ ما يُرْكَبُ ؛ فتكون المماثلة في أنه مركوبٌ مُبَلِّغٌ إلى الأقطار فقط ، ويعودُ قولهُ : { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } على السفنِ الموجودةِ في الناس ، والصريخُ ؛ هنا بمعنى المُصْرِخِ المُغِيثِ .