معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعۡنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٞ مِّنۡهُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَـٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (47)

قوله تعالى : { ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا } . يعني : المنافقين يقولونه ، { ثم يتولى } يعرض عن طاعة الله ورسوله ، { فريق منهم من بعد ذلك } ، أي : من بعد قولهم : آمنا ، ويدعو إلى غير حكم الله . قال الله عز وجل : { وما أولئك بالمؤمنين } نزلت هذه الآية في بشر المنافق ، كانت بينه وبين رجل من اليهود خصومة في أرض ، فقال اليهودي : نتحاكم إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال المنافق نتحاكم إلى كعب بن الأشرف ، فإن محمداً يحيف علينا ، فأنزل الله هذه الآية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعۡنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٞ مِّنۡهُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَـٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (47)

46

ومع هذه الآيات المبينات يوجد ذلك الفريق من الناس . فريق المنافقين ، الذين كانوا يظهرون الإسلام ولا يتأدبون بأدب الإسلام :

( ويقولون : آمنا بالله وبالرسول وأطعنا . ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك . وما أولئك بالمؤمنين . وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون . وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين . أفي قلوبهم مرض ? أم ارتابوا ? أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله ? بل أولئك هم الظالمون ) . .

إن الإيمان الصحيح متى استقر في القلب ظهرت آثاره في السلوك . والإسلام عقيدة متحركة ، لا تطيق السلبية . فهي بمجرد تحققها في عالم الشعور تتحرك لتحقق مدلولها في الخارج ؛ ولتترجم نفسها إلى حركة وإلى عمل في عالم الواقع . ومنهج الإسلام الواضح في التربية يقوم على أساس تحويل الشعور الباطن بالعقيدة وآدابها إلى حركة سلوكية واقعية ؛ وتحويل هذه الحركة إلى عادة ثابتة أو قانون . مع استحياء الدافع الشعوري الأول في كل حركة ، لتبقى حية متصلة بالينبوع الأصيل .

وهؤلاء كانوا يقولون : ( آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ) . . يقولونها بأفواههم ، ولكن مدلولها لا يتحقق في سلوكهم . فيتولون ناكصين ؛ يكذبون بالأعمال ما قالوه باللسان : ( وما أولئك بالمؤمنين )فالمؤمنون تصدق أفعالهم أقوالهم . والإيمان ليس لعبة يتلهى بها صاحبها ؛ ثم يدعها ويمضي . إنما هو تكيف في النفس ، وانطباع في القلب ، وعمل في الواقع ، ثم لا تملك النفس الرجوع عنه متى استقرت حقيقته في الضمير . .