بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعۡنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٞ مِّنۡهُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَـٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (47)

قوله عز وجل : { وَيِقُولُونَ امَنَّا بالله وبالرسول } قال مقاتل نزلت في شأن بشر المنافق وذلك أن رجلاً من اليهود كانت بينه وبين خصومة ، وأن اليهودي دعا بشراً إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال بشر ، نتحاكم إلى كعب بن الأشرف ، فإنَّ محمداً يحيف علينا فنزل : { وَإِذَا دُعُواْ إِلَى الله وَرَسُولِهِ } وقال في رواية أخرى : كان عثمان بن عفان رضي الله عنه اشترى أرضاً من عليّ ، فَنَدَّمَهُ قومه ، وقالوا : عمدت إلى أرض سَبْخَةٍ لا ينالها الماء فاشتريتها : رُدَّها عليه ، فقال : قد ابتعتها منه ، فقالوا : ردها ، فلم يزالوا به حتى أتاه فقال : اقبض مني أرضك ، فإني قد اشتريتها ، ولم أرضها لأنه لا ينالها الماء ، فقال له عليّ رضي الله عنه : بل اشتريتها ورضيتها وقبضتها مني ، وأنت تعرفها ، وتعلم ما هي ، فلا أقبلها منك . قال : فدعا عليٌّ عثمان رضي الله عنهما أن يخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال قوم عثمان : لا تخاصمه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فإن أنت خاصمته إليه قَضَى له عليك ، وهو ابن عمه ، وأكرم عليه منك ، ثم اختصما إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقضى لعليّ على عثمان ، فنزل في قوم عثمان { وَيِقُولُونَ امَنَّا بالله وبالرسول } { وَأَطَعْنَا } يعني : صدقنا بالله وبالرسول ، وأطعنا . { ثُمَّ يتولى فَرِيقٌ مّنْهُمْ } أي يعرض عن طاعتهما طائفة منهم { مِن بَعْدِ ذلك } الإقرار { وَمَا أُوْلَئِكَ بالمؤمنين } يعني : بمصدقين .

قال بعضهم : هذا التفسير الذي ذكره الكلبي غير صحيح ، لأن قوم عثمان إن كانوا مؤمنين من الذين هاجروا معه إلى المدينة ، وقد ذكر أنهم ليسوا بمؤمنين . وقال بعضهم هو الصحيح لأن قوم عثمان بعضهم منافقون مبغضون لبني هاشم لعداوة كانت بينهم في الجاهلية ، وكان عثمان يميل إلى قرابته ، ولا يعرف نفاقهم . ويقال : { وَمَا أُوْلَئِكَ بالمؤمنين } يعني : ليس عملهم عمل المؤمنين المخلصين .