{ 16-17 } { وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }
أي : ولقد أنعمنا على بني إسرائيل نعما لم تحصل لغيرهم من الناس ، وآتيناهم { الكتاب } أي : التوراة والإنجيل { والحكم } بين الناس { والنبوة } التي امتازوا بها وصارت النبوة في ذرية إبراهيم عليه السلام ، أكثرهم من بني إسرائيل ، { وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } من المآكل والمشارب والملابس وإنزال المن والسلوى عليهم { وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ } أي : على الخلق بهذه النعم ويخرج من هذا العموم اللفظي هذه الأمة فإنهم خير أمة أخرجت للناس .
والسياق يدل على أن المراد غير هذه الأمة فإن الله يقص علينا ما امتن به على بني إسرائيل وميزهم عن غيرهم ، وأيضا فإن الفضائل التي فاق بها بنو إسرائيل من الكتاب والحكم والنبوة وغيرها من النعوت قد حصلت كلها لهذه الأمة ، وزادت عليهم هذه الأمة فضائل كثيرة فهذه الشريعة شريعة بني إسرائيل جزء منها ، فإن هذا الكتاب مهيمن على سائر الكتب السابقة ، ومحمد صلى الله عليه وسلم مصدق لجميع المرسلين .
يذكر تعالى ما أنعم به على بني إسرائيل من إنزال الكتب عليهم وإرسال الرسل إليهم ، وجعله الملك فيهم ؛ ولهذا قال : { وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } أي : من المآكل والمشارب ، { وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ } أي : في زمانهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِيَ إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنّبُوّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطّيّبَاتِ وَفَضّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمينَ } .
يقول تعالى ذكره : وَلَقَدْ آتَيْنا يا محمد بَنِي إسْرائِيلَ الكِتابَ يعني التوراة والإنجيل ، والحُكْمَ يعني الفهم بالكتاب ، والعلم بالسنن التي لم تنزل في الكتاب ، وَالنّبُوّةَ يقول : وجعلنا منهم أنبياء ورسُلاً إلى الخلق ، وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطّيّباتِ يقول : وأطعمناهم من طيبات أرزاقنا ، وذلك ما أطعمهم من المنّ والسلوى وَفَضّلْناهُمْ على العالَمِينَ يقول : وفضلناهم على عالمي أهل زمانهم في أيام فرعون وعهده في ناحيتهم بمصر والشأم .
و { الكتاب } في قوله : { آتينا بني إسرائيل الكتاب } هو التوراة . { والحكم } هو السنة والفقه ، فيقال إنه لم يتسع فقه الأحكام على لسان نبي ما اتسع على لسان موسى عليه السلام : { والنبوءة } هي ما تكرر فيهم من الأنبياء .
وقوله تعالى : { ورزقناهم من الطيبات } يعني المستلذات الحلال ، وبهذين تتم النعمة ويحسن تعديدها ، وهذه إشارة إلى المن والسلوى ، وطيبات الشام بعد ، إذ هي الأرض المباركة ، وقد تقدم القول في معنى { الطيبات } ، وتلخيص قول مالك والشافعي في ذلك .
وقوله تعالى : { على العالمين } يريد على عالم زمانهم . والبينات من الأمر : هو الوحي الذي فصلت لهم به الأمور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.