فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ } والمراد بالكتاب التوراة كذا في الكشاف وتبعه القاضي ، ولعل الأولى أن يحمل الكتاب على الجنس حتى يشمل الإنجيل والزبور أيضا ، لكن جمهور المفسرين على تفسيره هنا بالتوراة ؛ لأنه ذكر بعدها الحكم ونحوه ، وما ذكر لا حكم فيه إذ الزبور أدعية ومناجاة ، والإنجيل أحكامه قليلة جدا ، وعيسى مأمور بالعمل بالتوراة والمراد بالحكم الفهم والفقه الذي يكون بهما الحكم بين الناس ، وفصل خصوماتهم ، وبالنبوة من بعثه الله من الأنبياء فيهم .

{ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } أي المستلذات التي أحلها الله لهم ، ومن ذلك المن والسلوى ، وهذه نعم دنيوية وما قبله من الكتاب والنبوة نعم دينية .

{ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ } من أهل زمانهم حيث آتيناهم ما لم نؤت من عداهم من كثرة الأنبياء فيهم ، وفلق البحر ، وغرق العدو ، ونحوها ، وقد تقدم بيان هذا في سورة الدخان ، قال ابن عباس : لم يكن أحد من العالمين في زمانهم أكرم على الله ولا أحب إليه منهم .