تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

الآية 16 وقوله تعالى : { ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب } قال أهل التأويل : أي التوراة . والإشكال أنه آتى بني إسرائيل جملة كُتبًا كثيرة ؛ أما التوراة والإنجيل والزبور فهي{[19202]} كتب قد يعرفونها{[19203]} وقد يجوز أن يكون لهم كتاب غيرها ، فما معنى ذكر الكتاب ؟ وما معنى حملهم على التوراة إلا أن نقول : يجوز أن يريد بذكر الكتاب الكتب ، فإن أدخل الألف واللام ، فيكون لاستغراق الجنس .

ويحتمل أنه أراد به التوراة كما قال أهل التأويل ؛ إذ قد يجوز أن يُذكر اسم العام ، ويراد به الخاص ، وهو الواحد منهم .

ويحتمل أن يكون التوراة هو الكتاب الذي فيه عامة الأحكام ، فإنه قيل : إن الزبور [ ليس ]{[19204]} فيه الحِكَم ، إنما فيه التسبيح والتحميد . وكذا الإنجيل ليس فيه إلا أحكام قليلة ، فيجوز أن يكون المراد به التوراة لهذا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { والحُكم } قال بعضهم : { والحُكم } أي فهم ما فيه . وقال بعضهم : { والحُكم } فقه ما في الكتاب ؛ إذ الحكم الظاهر داخل تحت قوله { الكتاب } بيّن بقوله : { والحُكم } أنه أعطى له الحكم الظاهر فيه والحكم المستخرج منه بالاستنباط والاجتهاد ، والله أعلم .

ويحتمل أن يراد بالكتاب هو ما يُتلى في ما بينهم وبين ربهم { والحُكم } هو ما أمرهم فيه أن يحكموا فيما بين العباد ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { والنبوّة } إنما ذكر النبوة ؛ لأن النبوة كانت ظاهرة [ في ]{[19205]} بني إسرائيل كذا كذا رسولا ونبيا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ورزقناهم من الطيبات } قد كان رزقهم الطيبات ما ذكر من المنّ والسّلوى ، وغير ذلك من الطيبات فلا يُحصى .

وقوله تعالى : { وفضّلناهم على العالمين } قد ذكرنا تفضيلهم على العالمين في [ غير موضع ]{[19206]} .


[19202]:الفاء ساقطة من الأصل وم.
[19203]:قي الأصل وم: يعرفها.
[19204]:من م، ساقطة من الأصل.
[19205]:من م، ساقطة من الأصل.
[19206]:في الأصل وم: موضعه.