معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكُمۡ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ} (14)

قوله تعالى : { ذلكم } ، أي : هذا العذاب والضرب الذي عجلته لكم أيها الكفار ببدر .

قوله تعالى : { فذوقوه } عاجلاً .

قوله تعالى : { وأن للكافرين } ، أي : واعلموا وأيقنوا أن للكافرين أجلاً في المعاد .

قوله تعالى : { عذاب النار } . روى عكرمة عن ابن عباس قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ من بدر :عليك بالعير ليس دونها شيء ، فناداه العباس وهو أسير في وثاقه : لا يصلح لك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمه ؟ قال : لأن الله تعالى وعدك إحدى الطائفتين ، وقد أعطاك ما وعدك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكُمۡ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ} (14)

ذَلِكُمْ العذاب المذكور فَذُوقُوهُ أيها المشاققون للّه ورسوله عذابا معجلا . وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ .

وفي هذه القصة من آيات اللّه العظيمة ما يدل على أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم رسول اللّه حقا .

منها : أن اللّه وعدهم وعدا ، فأنجزهموه .

ومنها : ما قال اللّه تعالى : قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ الآية .

ومنها : إجابة دعوة اللّه للمؤمنين لما استغاثوه بما ذكره من الأسباب ، وفيها الاعتناء العظيم بحال عباده المؤمنين ، وتقييض الأسباب التي بها ثبت إيمانهم ، وثبتت أقدامهم ، وزال عنهم المكروه والوساوس الشيطانية .

ومنها : أن من لطف اللّه بعبده أن يسهل عليه طاعته ، وييسرها بأسباب داخلية وخارجية .

15 - 16 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكُمۡ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ} (14)

( ذلكم فذوقوه ، وأن للكافرين عذاب النار ) . .

فهذه نهاية المطاف . وهذا هو العذاب الذي لا يقاس إليه ما ذقتم من الرعب والهزيمة ومن الضرب فوق الأعناق ومن ضرب كل بنان !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكُمۡ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ} (14)

الخطاب في { ذلكم فذوقوه } للمشركين الذين قُتلوا ، والذين قطعت بنانهم أي يقال لهم هذا الكلام حيث تُضرب أعناقهم وبنانهم بأن يُلْقى في نفوسهم حينما يصابون إن أصابتهم كانت لمشاقتهم الله ورسوله ، فإنهم كانوا يسمعون توعد الله إياهم بالعذاب والبطش كقوله : { يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون } [ الدخان : 16 ] وقوله : { وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصُدون عن المسجد الحرام } [ الأنفال : 34 ] ونحو ذلك وكانوا لا يخلُون من اختلاج الشك نفوسهم ، فإذا رأوا القتل الذي لم يألفوه ، ورأى الواحد منهم نفسه مضروباً بالسيف ، ضرباً لا يستطيع له دفاعاً ، علم أن وعيد الله تحقق فيه ، فجاش في نفسه أن ذلك لمشاقته الله ورسوله ، ولعلهم كانوا يرون إصابات تصيبهم من غير مَرْئي ، فجملة : { ذلكم فذوقوه } مقول قول محذوف تقديره : قائلين ، هو حالَ من ضمير { فاضربوا فوق الأعناق } [ الأنفال : 12 ] .

واسم الإشارة راجع إلى الضرب المأخوذ من قوله : { فاضربوا فوق الأعناق وأضربوا منهم كل بنان } [ الأنفال : 12 ] وهو مبتدأ وخبره محذوف ، فإما أن يقدر ذلك هو العقاب الموعود ، وإما أن يكون مما دل عليْه قوله : { بأنهم شاقوا الله ورسوله } [ الأنفال : 13 ] فالتقدير ذلك بأنكم شاققتم الله ورسوله .

وتفريع { فذوقوه } على جملة : { ذلكم } بما قدر فيها تفريع للشّماتة على تحقيق الوعيد ، فصيغة الأمر مستعملة في الشماتة والإهانة ، وموقع { فذوقوه } اعتراض بين الجملة والمعطوف في قوله : { وأن للكافرين } ، والاعتراضُ يكون بالفاء كما في قول النابغة :

ضِبابِ بني الطّوَالة فاعلميه *** ولا يَغْرُرْك نأيي واغترابي

قالوا وفي قوله : { وأن للكافرين عذاب النار } للعطف على المقول فهو من جملة القول ، والتعريفُ في { الكافرين } للاستغراق وهو تذييل .

والمعنى : ذلكم ، أي ضرب الأعناق ، عقاب الدنيا ، وأن لكم عذاب النار في الآخرة مع جميع الكافرين ، والذوق مجاز في الإحساس والعلاقةُ الإطلاق .

وقوله : { وأن للكافرين عذاب النار } عطف على الخبر المحذوف أي ذلكم العذاب وأن عذاب النارِ لجميع الكافرين .