إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ذَٰلِكُمۡ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ} (14)

{ ذلكم فَذُوقُوهُ وَأَنَّ للكافرين عَذَابَ النار } فإنه ، مع كونه هو المسوقَ للوعيد بما ذُكر ناطقٌ بكون المرادِ بالعقاب المذكورِ ما أصابهم عاجلاً سواءٌ جُعل ذلكم إشارةً إلى نفس العقابِ أو إلى ما تفيده الشرطيةُ من ثبوت العقابِ لهم ، أما على الأول فلأن الأظهرَ أن محلَّه النصبُ بمضمر يستدعيه قولُه تعالى : { فَذُوقُوهُ } ، والواو في قوله تعالى : { وَأَنَّ للكافرين } الخ بمعنى مع فالمعنى باشروا ذلكم العقابَ الذي أصابكم فذوقوه عاجلاً مع أن لكم عذابَ النارِ آجلاً ، فوضْعُ الظاهر موضعَ الضميرِ لتوبيخهم بالكفر وتعليلِ الحُكم به ، وأما على الثاني فلأن الأقربَ أن محله الرفعُ على أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ ، وقولُه تعالى : { وَأَنَّ للكافرين } الخ معطوفٌ عليه ، والمعنى حُكمُ الله ذلكم ، أي ثبوتُ هذا العقابِ لكم عاجلاً وثبوتُ عذابِ النارِ آجلاً ، وقوله تعالى : { فَذُوقُوهُ } اعتراضٌ وُسِّط بين المعطوفَيْن للتهديد ، والضميرُ على الأول لنفس المشارِ إليه وعلى الثاني لما في ضمنه ، وقد ذُكر في إعراب الآيةِ الكريمةِ وجوهٌ أُخَرُ ، ومدارُ الكلِّ على أن المرادَ بالعقاب ما أصابهم عاجلاً والله تعالى أعلم ، وقرىء بكسر إن على الاستئناف .