معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَٰبَ} (36)

قوله تعالى : { وقال فرعون } لوزيره : { يا هامان ابن لي صرحا } والصرح البناء الظاهر الذي لا يخفى على الناظر ، وإن بعد ، وأصله من التصريح وهو الإظهار . { لعلي أبلغ الأسباب* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَٰبَ} (36)

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ } معارضًا لموسى ومكذبًا له في دعوته إلى الإقرار برب العالمين ، الذي على العرش استوى ، وعلى الخلق اعتلى : { يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا } أي : بناء عظيمًا مرتفعًا ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَٰبَ} (36)

21

وعلى الرغم من هذه الجولة الضخمة التي أخذ الرجل المؤمن قلوبهم بها ؛ فقد ظل فرعون في ضلاله ، مصراً على التنكر للحق . ولكنه تظاهر بأنه آخذ في التحقق من دعوى موسى . ويبدو أن منطق الرجل المؤمن وحجته كانت من شدة الوقع بحيث لم يستطع فرعون ومن معه تجاهلها . فاتخذ فرعون لنفسه مهرباً جديداً :

( وقال فرعون : يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب . أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى . وإني لأظنه كاذباً . وكذلك زين لفرعون سوء عمله ، وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب ) . .

يا هامان ابن لي بناء عالياً لعلي أبلغ به أسباب السماوات ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَٰبَ} (36)

{ وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا } بناء مكشوفا عاليا من صرح الشيء إذا ظهر . { لعلي أبلغ الأسباب } الطرق .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَٰبَ} (36)

هذه مقالة أخرى لفرعون في مجلس آخر غير المجلس الذي حاجّه فيه موسى ولذلك عطف قوله بالواو كما أشرنا إليه فيما عطف من الأقوال السابقة آنفاً ، وكما أشرنا إليه في سورة القصص ، وتقدم الكلام هنالك مستوفى على نظير معنى هذه الآية على حسب ظاهرها ، وتقدم ذكر ( هامان ) والصرح هنالك .

وقد لاح لي هنا محمل آخر أقرب أن يكون المقصودَ من الآية ينتظم مع ما ذكرناه هنالك في الغاية ويخالفه في الدلالة ، وذلك أن يكون فرعون أمَر ببناء صرح لا لِقصد الارتقاء إلى السماوات بل ليخلُوَ بنفسه رياضة ليستمد الوحي من الربّ الذي ادعى موسى أنه أَوحَى إليه إذ قال : { إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى } [ طه : 48 ] فإن الارتياض في مكان منعزل عن الناس كان من شعار الاستيحاء الكهنوتي عندهم ، وكان فرعون يحسب نفسه أهلاً لذلك لزعمه أنه ابن الآلهة وحامي الكهنة والهياكل . وإنما كان يشغله تدبير أمر المملكة فكان يكِل شؤون الديانة إلى الكهنة في معابدهم ، فأراد في هذه الأزمة الجدلية أن يتصدى لذلك بنفسه ليكون قوله الفصل في نفي وجود إله آخر تضليلاً لدهماء أمته ، لأنه أراد التوطئة للإِخبار بنفي إله أخر غير آلهتهم فأراد أن يتولى وسائل النفي بنفسه كما كانت لليهود محاريب للخلوة للعبادة كما تقدم عند قوله تعالى : { فخرج على قومه من المحراب } [ مريم : 11 ] وقوله : { كلما دخل عليها زكريا المحراب } [ آل عمران : 37 ] ومن اتخاذ الرهبان النصارى صوامع في أعالي الجبال للخلوة للتعبد ، ووجودها عند هذه الأمم يدل على أنها موجودة عند الأمم المعاصرة لهم والسابقة عليهم .

والأسباب : جمع سبب ، والسبب ما يوصِّل إلى مكان بعيد ، فيطلق السبب على الطريق ، ويطلق على الحبل لأنهم كانوا يتوصلون به إلى أعلى النخيل . والمراد هنا : طرق السماوات ، كما في قول زهير :

ومن هَاب أسبابَ المنايا يَنَلْنَه *** وإن يَرْقَ أسبابَ السماء بسلّم