نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَٰبَ} (36)

ولما ذكر الطبع المذكور ، دل عليه بما ذكر من قول فرعون وفعله عطفاً على ما مضى من قوله وقول المؤمن ، فإنه قصد ما لا مطمع في نيله تيهاً وحماقة تكبراً وتجبراً لكثافة قلبه وفساد لبه ، فصار به ضحكة لكل من سمعه ، هذا إن كان ظن أنه يصل إلى ما أراد ، وإن كان قصد بذلك التلبيس على قومه للمدافعة عن اتباع موسى عليه السلام إلى وقت ما فقد نادى عليهم بالجهل ، والإغراق في قلة الحزم والشهامة والعقل ، فقال تعال : { وقال فرعون } أي بعد قول المؤمن هذا ، معرضاً عن جوابه لأنه لم يجد فيه مطعناً : { يا هامان } وهو وزيره { ابنِ } وعرفه بشدة اهتمامه به بالإضافة إليه في قوله : { لي صرحاً } أي بناء ظاهراً يعلوه لكل أحد .

قال البغوي : لا يخفى على الناظر وإن بعد . وأصله من التصريح وهو الإظهار ، وتعليله بالترجي الذي لا يكون إلا في الممكن دليل على أنه كان يلبس على قومه وهو يعرف الحق ، فإن عاقلاً لا يعد ما رامه في عداد الممكن العادي فقال : { لعلي أبلغ الأسباب * } أي التي لا أسباب غيرها لعظمها .