معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (52)

قوله تعالى : { ومن يطع الله ورسوله ويخش الله } قال ابن عباس رضي الله عنهما : فما ساءه وسره ويخشى الله على ما عمل من الذنوب . { ويتقه } فيما بعد ، { فأولئك هم الفائزون } الناجون . قرأ أبو عمرو وأبو بكر ( يتقه ) ساكنة الهاء ، ويختلسها أبو جعفر ويعقوب وقالون ، كما في نظائرها ويشبعها الباقون كسراً ، وقرأ حفص ( يتقه ) بسكون القاف واختلاس الهاء ، وهذه اللغة إذا سقطت الياء للجزم يسكنون ما قبلها ، يقولون : لم أشتر طعاماً ، بسكون الراء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (52)

ولما ذكر فضل الطاعة في الحكم خصوصا ، ذكر فضلها عموما ، في جميع الأحوال ، فقال : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فيصدق خبرهما ويمتثل أمرهما ، { وَيَخْشَ اللَّهَ } أي : يخافه خوفا مقرونا بمعرفة ، فيترك ما نهى عنه ، ويكف نفسه عما تهوى ، ولهذا قال : { وَيَتَّقْهِ } بترك المحظور ، لأن التقوى -عند الإطلاق- يدخل فيها ، فعل المأمور ، وترك المنهي عنه ، وعند اقترانها بالبر أو الطاعة - كما في هذا الموضع - تفسر بتوقي عذاب الله ، بترك معاصيه ، { فَأُولَئِكَ } الذين جمعوا بين طاعة الله وطاعة رسوله ، وخشية الله وتقواه ، { هُمُ الْفَائِزُونَ } بنجاتهم من العذاب ، لتركهم أسبابه ، ووصولهم إلى الثواب ، لفعلهم أسبابه ، فالفوز محصور فيهم ، وأما من لم يتصف بوصفهم ، فإنه يفوته من الفوز بحسب ما قصر عنه من هذه الأوصاف الحميدة ، واشتملت هذه الآية ، على الحق المشترك بين الله وبين رسوله ، وهو : الطاعة المستلزمة للإيمان ، والحق المختص بالله ، وهو : الخشية والتقوى ، وبقي الحق الثالث المختص بالرسول ، وهو التعزير والتوقير ، كما جمع بين الحقوق الثلاثة في سورة الفتح في قوله : { لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (52)

46

( ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) . .

وقد كان الحديث في الآية السابقة عن الطاعة والتسليم في الأحكام . فالآن يتحدث عن الطاعة كافة في كل أمر أو نهي ، مصحوبة هذه الطاعة بخشية الله وتقواه . والتقوى أعم من الخشية ، فهي مراقبة الله والشعور به عند الصغيرة والكبيرة ؛ والتحرج من إتيان ما يكره توقيرا لذاته سبحانه ، وإجلالا له ، وحياء منه ، إلى جانب الخوف والخشية .

ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ، الناجون في دنياهم وأخراهم . وعد الله ولن يخلف الله وعده . وهم للفوز أهل ، ولديهم أسبابه من واقع حياتهم . فالطاعة لله ورسوله تقتضي السير على النهج القويم الذي رسمه الله للبشرية عن علم وحكمة ، وهو بطبيعته يؤدي إلى الفوز في الدنيا والآخرة . وخشية الله وتقواه هي الحارس الذي يكفل الاستقامة على النهج ، وإغفال المغريات التي تهتف بهم على جانبيه ، فلا ينحرفون ولا يلتفتون .

وأدب الطاعة لله ورسوله ، مع خشية الله وتقواه ، أدب رفيع ، ينبىء عن مدى إشراق القلب بنور الله ، واتصاله به ، وشعوره بهيبته . كما ينبىء عن عزة القلب المؤمن واستعلائه . فكل طاعة لا ترتكن على طاعة الله ورسوله ، ولا تستمد منها ، هي ذلة يأباها الكريم ، وينفر منها طبع المؤمن ، ويستعلي عليها ضميره . فالمؤمن الحق لا يحني رأسه إلا لله الواحد القهار .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (52)

{ ومن يطيع الله ورسوله } فيما يأمرانه أو في الفرائض والسنن . { ويخش الله } على ما صدر عنه من الذنوب . { ويتقه } فيما بقي من عمره ، وقرأ يعقوب وقالون عن نافع بلا ياء وأبو بكر وأبو عمرو بسكون الهاء ، وحفص بسكون القاف فشبه تقه بكتف وخفف والهاء ساكنة في الوقف بالاتفاق { فأولئك هم الفائزون } بالنعيم المقيم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (52)

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (52)

الواو اعتراضية أو عاطفة على جملة { وأولئك هم المفلحون } [ النور : 51 ] . والتقدير : وهم الفائزون . فجاء نظم الكلام على هذا الإطناب ليحصل تعميم الحكم والمحكوم عليه . وموقع هذه الجملة موقع تذييل لأنها تعم ما ذكر قبلها من قول المؤمنين { سمعنا وأطعنا } [ النور : 51 ] وتشمل غيره من الطاعات بالقول أو بالفعل .

و { مَن } شرطية عامة ، وجملة : { فأولئك } جواب الشرط . والفوز : الظفر بالمطلوب الصالح . والطاعة : امتثال الأوامر واجتناب النواهي .

والخشية : الخوف . وهي تتعلق بالخصوص بما عسى أن يكون قد فُرّط فيه من التكاليف على أنها تعم التقصير كله .

والتقوى : الحذر من مخالفة التكاليف في المستقبل .

فجمعت الآية أسباب الفوز في الآخرة وأيضاً في الدنيا .

وصيغة الحصر للتعريض بالذين أعرضوا إذا دعوا إلى الله ورسوله وهي على وزن صيغة القصر التي تقدمتها .