فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (52)

ثم أردف الثناء عليهم بثناء آخر فقال : { وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ فأولئك هُمُ الفائزون } وهذه الجملة مقرّرة لما قبلها من حسن حال المؤمنين ، وترغيب من عداهم إلى الدخول في عدادهم ، والمتابعة لهم في طاعة الله ورسوله ، والخشية من الله عزّ وجلّ ، والتقوى له . قرأ حفص { ويتقه } بإسكان القاف على نية الجزم . وقرأ الباقون بكسرها ، لأن جزم هذا الفعل بحذف آخره ، وأسكن الهاء أبو عمرو وأبو بكر واختلس الكسرة يعقوب وقالون عن نافع والمثنى عن أبي عمرو وحفص وأشبع كسرة الهاء الباقون . قال ابن الأنباري : وقراءة حفص هي على لغة من قال : لم أر زيداً ، ولم أشتر طعاماً ، يسقطون الياء للجزم ، ثم يسكنون الحرف الذي قبلها ، ومنه قول الشاعر :

* قالت سليمى اشتر لنا دقيقاً *

وقول الآخر :

عجبت لمولود وليس له أب *** وذي ولد لم يلده أبوان

وأصله يلد بكسر اللام ، وسكون الدال للجزم ، فلما سكن اللام التقى ساكنان ، فلو حرك الأوّل لرجع إلى ما وقع الفرار منه ، فحرك ثانيهما ، وهو الدال . ويمكن أن يقال إنه حرك الأوّل على أصل التقاء الساكنين ، وبقي السكون على الدال لبيان ما عليه أهل هذه اللغة ، ولا يضرّ الرجوع إلى ما وقع الفرار منه ، فهذه الحركة غير تلك الحركة ، والإشارة بقوله : { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفائزون } إلى الموصوفين بما ذكر من الطاعة ، والخشية ، والتقوى أي هم الفائزون بالنعيم الدنيوي والأخروي لا من عداهم .

/خ57