معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَغۡشَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۡ وَيَقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (55)

قوله تعالى : { يوم يغشاهم } يصيبهم{ العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم } يعني : إذا غشيهم العذاب أحاطت بهم جهنم ، كما قال : { لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش } { ويقول ذوقوا } قرأ نافع ، وأهل الكوفة : ويقول بالياء ، أي : ويقول لهم الموكل بعذابهم : ذوقوا ، وقرأ الآخرون بالنون ، لأنه لما كان بأمره نسب إليه ، { ما كنتم تعملون } أي : جزاء ما كنتم تعملون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَغۡشَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۡ وَيَقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (55)

{ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فإن أعمالكم انقلبت عليكم عذابا ، وشملكم العذاب كما شملكم الكفر والذنوب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَغۡشَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۡ وَيَقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (55)

46

ويرسم لهم صورتهم في جهنم هذه المحيطة بهم ؛ وهم يستعجلون بالعذاب :

( يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ويقول : ذوقوا ما كنتم تعملون ) . .

وهو مشهد مفزع في ذاته ، يصاحبه التقريع المخزي والتأنيب المرير : ( ذوقوا ما كنتم تعملون ) . . فهذه نهاية الاستعجال بالعذاب ؛ والاستخفاف بالنذير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَغۡشَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۡ وَيَقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (55)

ثم قال تعالى : { يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } ، كقوله تعالى : { لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [ الأعراف : 41 ] ، وقال : { لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } [ الزمر : 16 ] ، وقال : { لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ } [ الأنبياء : 39 ] ، فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم ، وهذا أبلغ في العذاب الحسي .

وقوله : { وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ، تهديد وتقريع وتوبيخ ، وهذا عذاب معنوي على النفوس ، كقوله : { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ . إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [ القمر : 48 ، 49 ] ، وقال { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا . هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ . أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ . اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الطور : 13 - 16 ] .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَغۡشَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۡ وَيَقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (55)

{ يوم يغشاهم العذاب } ظرف { لمحيطة } أو مقدرة مثل كان كيت وكيت . { من فوقهم ومن تحت أرجلهم } من جميع جوانبهم . { ويقول } الله أو بعض ملائكته بأمره لقراءة ابن كثير وابن عامر والبصريين بالنون . { ذوقوا ما كنتم تعملون } أي جزاءه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَغۡشَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۡ وَيَقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (55)

وقوله تعالى : { يوم يغشاهم } ظرف يعمل فيه قوله { محيطة } ، و { يغشاهم } معناه يغطيهم من كل جهة من جهاتهم ، وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي «ويقول » أي ويقول الله ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «ونقول » بالنون ، فإما أن تكون نون العظمة أو نون جماعة الملائكة ، وقرأ ابن مسعود «ويقال » بياء وألف وهي قراءة ابن أبي عبلة ، وقوله تعالى : { ذوقوا } توبيخ ، وتشبيه مس العذاب بالذوق ، ومنه قوله { ذق إنك أنت العزيز الكريم }{[9269]} [ الدخان : 49 ] ، ومنه قول أبي سفيان : ذق عقق ونحو هذا كثير ، وقوله تعالى : { ما كنتم تعملون } أي بما في أعمالكم من اكتسابكم .


[9269]:من الآية 49 من سورة الدخان.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَغۡشَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۡ وَيَقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (55)

ويتعلق : { يوم يغشاهم العذاب } ب ( محيطة ) ، أي تحيط بهم يوم يغشاهم العذاب . وفي قوله : { يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم } تصوير للإحاطة . والغشيان : التغطية والحجب .

وقوله : { من فوقهم } بيان للغشيان لتصويره تفظيعاً لحاله كقوله : { ولا طائر يطير بجناحيه } [ الأنعام : 38 ] وتأكيداً لمعنى الغشيان لرفع احتمال المجاز ، فهو في موضع الحال من { العذاب } وهي حال مؤكدة .

وقوله : { ومِن تحت أرجلهم } احتراس عما قد يُوهمه الغشيان من الفوقية خاصة ، أي تصيبهم نار من تحتهم تتوهج إليهم وهم فوقها ، ولما كان معطوفاً على الحال بالواو وكان غير صالح لأن يكون قيداً ل { يغشاهم } لأن الغشيان هو التغطية فتقتضي العلو تعين تقدير فعل يتعلق به { من تحت أرجلهم } ، وهو أن يقدر عامل محذوف . وقد عدّ هذا العمل من خصائص الواو في العطف أن تعطف عاملاً محذوفاً دل عليه معموله كقول عبد الله بن الزبعرى :

يَا ليتَ زَوجككِ قد غدا *** متقلداً سيفاً ورمحا

يريد : ومُمسكاً رمحاً لأن الرمح لا يتقلد يصلح أن يكون مفعولاً معه وأبو عبيدة والأصمعي والجرمي واليزيدي ، ومن وافقهم يجعلون هذا من قبيل تضمين الفعل معنى فعل صالح للتعلق بالمذكور فيقدر في هذه الآية تضمين فعل { يغشاهم } معنى ( يصيبهم ) و ( يأخذهم ) . والمقصود من هذا الكناية عن أن العذاب محيط بهم ، فلذلك لم يذكر الجانبان الأيمن والأيسر لأن الغرض من الكناية قد حصل . والمقام مقام إيجاز لأنه مقام غضب وتهديد بخلاف قوله تعالى : { ثم لآتِيَنَّهم من بين أيديهم ومن خلفِهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم } [ الأعراف : 17 ] لأنه حكاية لإلحاح الشيطان في الوسوسة .

وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي : { ويقول } بالياء التحتية والضمير عائد إلى معلوم من المقام . فالتقدير : ويقول الله . وعدل عن ضمير التكلم على خلاف مقتضى الظاهر على طريقة الالتفات على رأي كثير من أيمة البلاغة ، أو يقدر : ويقول الملك الموكل بجهنم ، أو التقدير : ويقول العذاب ، بأن يجعل الله للنار أصواتاً كأنها قول القائل : { ذوقوا } . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بالنون وهي نون العظمة .

ومعنى : { ما كنتم تعملون } جزاؤه لأن الجزاء لما كان بقدر المجزي أطلق عليه اسمه مجازاً مرسلاً أو مجازاً بالحذف .