ثم ذكر كيفية إحاطة جهنم فقال : { يَوْمَ يَغْشَاهُمُ العذاب مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } .
فإن قيل : لم يخص{[41619]} الجانبين ولم يذكر اليمين والشمال وخلفَ وقُدَّام ؟ .
فالجواب : أن المقصود ذكر ما تتميز به نار جهنم عن نار الدنيا ، ( ونار ){[41620]} الدنيا تحيط بالجوانب الأربعة فإن من دخلها تكون الشعلة قدامَهُ وخلفَه ويمينَه ويَسَارَه{[41621]} ، فأمّا النار من فوق لا تنزل وإنما تصعد من أسفلَ في العادة وتحت الأقدام ، ولا تبقى الشعلة بل تنطفئ الشعلة التي تحت القدم ، ونار جهنم تنزل من فوق ولا تنطفئ بالدوس موضع القدم{[41622]} .
فإن قيل : ما الحكمة في قوله : { من فوقهم ومن تحت أرجلهم } ولم يقل : من فوق رؤوسهم ولا قال من فوقهم «ولا من{[41623]} تحتهم » بل ذكر المضاف إليه عند ذكر «تحت » ولم يذكره عند ذكر «فوق » ؟ .
فالجواب : أن نزول النار من «فوق » سواء كان من ( سمت ){[41624]} الرأس أو موضع آخر عجيب{[41625]} فلهذا لم يخصه بالرؤوس وأما بقاء النار تحت القدم فهو عجيب ، وإلا فمن جواب القدم في الدنيا تكون الشعلة فذكر العجيب وهو ما تحت الأرجل حيث لم ينطق بالدّوس . وأما «فوق » فعلى الإطلاق .
قوله : «وَيَقُولُ ذُوقُوا » قرأ نافع وأهل الكوفة «ويقول » بياء الغيبة أي الله تعالى ، أو الملك الموكل بعذابهم ، وباقي السبعة بالنون أي جماعة الملائكة ، أو نون العظمة لله تعالى{[41626]} ، وأبو البَرَهْشَم{[41627]} بالتاء من فوق أي جهنم كقوله : { وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } [ ق : 30 ] وعبد الله{[41628]} وابن أبي{[41629]} عَبْلَةَ : «ويُقَالُ » مبنياً للمفعول{[41630]} ، وقوله : { مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي جزاء ما كنتم تعملون لما بين عذاب أجسامهم بين عذاب أرواحهم وهو أن يقال لهم على سبيل التنكيل والإهانة { ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } جعل ذلك عين ما كانوا يعملون مبالغة بطريق إطلاق اسم المُسبَّب على السَّبَب ، فإن عملهم كان سبباً لعذابهم وهذا كثير في الاستعمال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.