فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَ يَغۡشَىٰهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۡ وَيَقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (55)

{ يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم } أي من جميع جهاتهم لقوله تعالى { من فوقهم ظلل من النار ، ومن تحتهم ظلل } ، فإذا غشيهم العذاب على هذه الصفة فقد أحاطت بهم جهنم . قيل : خص الجانبين ولم يذكر اليمين ولا الشمال ، ولا الخلف ولا الأمام ، لأن المقصود ذكر ما تتميز به نار جهنم عن نار الدنيا ، فنار الدنيا تحيط بالجوانب الأربع ، فإن من دخلها تكون الشعلة قدامه وخلفه ويمينه وشماله ، وأما النار من فوق تنزل وإنما تصعد من أسفل في العادة ، وتحت الأقدام لا تبقى الشعلة التي تحت القدم بل تطفأ ، ونار جهنم تنزل من فوق ولا تطفأ بالدروس عليها بوضع القدم ، ذكره الرازي .

{ يقول ذوقا ما كنتم تعملون } والقائل هو الله سبحانه وتعالى أو بعض ملائكته بأمره في ذلك اليوم ، أي ذوقوا جزاء ما كنتم تعملون من الكفر والمعاصي ، فلا تفوتوننا قرئ ، نقول بالنون وبالتحتية لقوله : قل كفى بالله ، وقرئ : ويقال ذوقوا ، ولما ذكر سبحانه حال الكفرة من أهل الكتاب ومن المشركين وجمعهم في الإنذار ، وجعلهم من أهل النار اشتد عنادهم وزاد فسادهم وسعوا في إيذاء المسلمين بكل وجه فقال الله سبحانه :