{ لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } يشغله عن شأن غيره .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد بن عبد الله ، أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا محمد بن عبد العزيز ، حدثنا ابن أبي أويس ، حدثنا أبي ، عن محمد بن أبي عياش ، عن عطاء بن يسار ، عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يبعث الناس حفاةً عراة غرلاً ، قد ألجمهم العرق وبلغ شحوم الآذان ، فقلت : يا رسول الله ، وا سوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض ؟ فقال : قد شغل الناس ، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " .
والهول في هذا المشهد هول نفسي بحت ، يفزع النفس ويفصلها عن محيطها . ويستبد بها استبدادا . فلكل نفسه وشأنه ، ولديه الكفاية من الهم الخاص به ، الذي لا يدع له فضلة من وعي أو جهد : ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) . .
" والظلال الكامنة وراء هذه العبارة وفي طياتها ظلال عميقة سحيقة . فما يوجد أخصر ولا أشمل من هذا التعبير ، لتصوير الهم الذي يشغل الحس والضمير : ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) !
ذلك حال الخلق جميعا في هول ذلك اليوم . . إذا جاءت الصاخة . .
وقوله : ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) أي : هو في شُغُل شاغل عن غيره .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، حدثنا الوليد بن صالح ، حدثنا ثابت أبو زيد العباداني ، عن هلال بن خَبَّاب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تحشرون حفاة عراة مشاة غُرلا " قال : فقالت زوجته : يا رسول الله ، أوَ يرى{[29720]} بعضنا عورة بعض ؟ قال : " ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) أو قال : " ما أشغله عن النظر " .
وقد رواه النسائي منفردا به ، عن أبي داود ، عن عارم ، عن ثابت بن يزيد - وهو أبو زيد الأحول البصري ، أحد الثقات - عن هلال بن خَبَّاب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، به{[29721]} وقد رواه الترمذي عن عبد بن حُمَيد ، عن محمد بن الفضل ، عن ثابت بن يزيد ، عن هلال ابن خَبَّاب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تُحشَرون حُفاة عُرَاة غُرْلا " . فقالت امرأة : أيبصر - أو : يرى - بعضنا عورة بعض ؟ قال : " يا فلانة ، ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ){[29722]} . ثم قال الترمذي : وهذا حديث حسن صحيح ، وقد روى من غير وجه عن ابن عباس ، رضي الله عنه{[29723]} .
وقال النسائي : أخبرني عمرو بن عثمان ، حدثنا بَقِيَّة ، حدثنا الزبيدي ، أخبرني الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غُرلا " . فقالت عائشة : يا رسول الله ، فكيف بالعورات ؟ فقال : " ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) {[29724]} .
انفرد به النسائي من هذا الوجه .
ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أزهر بن حاتم ، حدثنا الفضل بن موسى ، عن عائد ابن شُرَيح ، عن أنس بن مالك قال : سألت عائشة ، رضي الله عنها ، رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، إني سائلتك عن حديث فتخبرني أنتَ به . فقال : " إن كان عندي منه علم " . قالت : يا نبي الله ، كيف يُحشر الرجال ؟ قال : " حفاة عراة " . ثم انتظَرتْ ساعة فقالت : يا نبي الله ، كيف يحشر النساء ؟ قال : " كذلك حفاة عراة " . قالت : واسوأتاه من يوم القيامة ! قال : " وعن أي ذلك تسألين ؟ إنه قد نزل علي آية لا يضرك كان عليك ثياب أو لا يكون " .
قالت : أيةُ آية هي يا نبي الله ؟ قال : " ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ){[29725]} .
وقال البغوي في تفسيره : أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشّريحي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن عبد الله ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا محمد بن عبد العزيز ، حدثنا ابن أبي أويس ، حدثنا أبي ، عن محمد بن أبي عياش ، عن عطاء بن يسار ، عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يبعث الناس حفاة عراة غُرلا قد ألجمهم العرق ، وبلغ شحوم الآذان " . فقلت : يا رسول الله ، واسوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض ؟ فقال : " قد شُغل الناس ، ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) {[29726]} .
هذا حديث غريب من هذا الوجه جدا ، وهكذا رواه ابن جرير عن أبي عمار الحسين بن حريث المروزي ، عن الفضل بن موسى ، به{[29727]} . ولكن قال أبو حاتم الرازي : عائذ بن شريح ضعيف ، في حديثه ضعف {[29728]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.