معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلُ نَدۡعُوهُۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡبَرُّ ٱلرَّحِيمُ} (28)

قوله تعالى : { إنا كنا من قبل } في الدنيا ، { ندعوه } نخلص له العبادة ، { إنه } قرأ أهل المدينة والكسائي : ( أنه ) بفتح الألف ، أي : لأنه أو بأنه ، وقرأ الآخرون بالكسر على الاستئناف ، { هو البر } قال ابن عباس : اللطيف . وقال الضحاك : الصادق فيما وعد . { الرحيم* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلُ نَدۡعُوهُۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡبَرُّ ٱلرَّحِيمُ} (28)

{ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ } أن يقينا عذاب السموم ، ويوصلنا إلى النعيم ، وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة أي : لم نزل نتقرب إليه بأنواع القربات{[880]}  وندعوه في سائر الأوقات ، { إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } فمن بره بنا ورحمته إيانا ، أنالنا رضاه والجنة ، ووقانا سخطه والنار .


[880]:- في ب: العبادات.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلُ نَدۡعُوهُۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡبَرُّ ٱلرَّحِيمُ} (28)

وقد كانوا مع الإشفاق والحذر والتقوى يدعون الله : ( إنا كنا من قبل ندعوه ) . . وهم يعرفون من صفاته البر بعباده والرحمة بعبيده : ( إنه هو البر الرحيم ) . .

وكذلك ينكشف سر الوصول في تناجي هؤلاء الناجين المكرمين في دار النعيم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلُ نَدۡعُوهُۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡبَرُّ ٱلرَّحِيمُ} (28)

وقوله : إنّا كُنّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ يقول : إنا كنا في الدنيا من قبل يومنا هذا ندعوه : نعبده مخلصين له الدين ، لا نُشرك به شيئا إنّهُ هُوَ البَرّ يعني : اللطيف بعباده . كما :

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : إنّه هُوَ البَرّ يقول : اللطيف .

وقوله : الرّحِيمُ يقول : الرحيم بخلقه أن يعذّبهم بعد توبتهم .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : إنّهُ هُوَ البَرّ فقرأته عامة قرّاء المدينة «أنّهُ » بفتح الألف ، بمعنى : إنا كنا من قبل ندعوه لأنه هو البرّ ، أو بأنه هو البرّ . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بالكسر على الابتداء .

والصواب من القول في ذلك ، أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلُ نَدۡعُوهُۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡبَرُّ ٱلرَّحِيمُ} (28)

و : { ندعوه } يحتمل أن يريد نعبده ، ويحسن هذا على قراءة من قرأ : «أنه » بفتح الألف . وهي قراءة نافع . بخلاف والكسائي وأبي جعفر والحسن وأبي نوفل أي من أجل أنه . وقرأ باقي السبعة والأعرج وجماعة «أنه » على القطع والاستئناف ، ويحسن مع هذه القراءة أن يكون { ندعوه } بمعنى نعبده . أو بمعنى الدعاء نفسه ، ومن رأى : { ندعوه } بمعنى الدعاء نفسه فيحتمل أن يجعل قوله : «أنه » بالفتح هو نفس الدعاء الذي كان في الدنيا . و : { البر } هو الذي يبر ويحسن{[10648]} ، ومنه قول ذي الرمة : [ البسيط ]

جاءت من البيض زعر لا لباس لها . . . إلا الدهاس وأم برة وأب{[10649]}


[10648]:في اللسان:"البَرُّ من صفات الله تعالى، وهو العطوف على عباده بِبِره ولطفه" وفيه: بَرّ يَبَرُّ ويبر بالفتح والكسر.
[10649]:البيت في اللسان، وقد ساقه شاهدا على أن"الدهسة" لون يعلوه أدنى سواد، ويكون في الرمال والمعز، والزعر: قلة ورقة وتفرق في الشعر، و"زعر" هنا: جمع أزعر وزَعِر، وفي حديث ابن مسعود أن امرأة قالت له: إني امرأة زعراء، أي قليلة الشعر، والبَرَّة: الرحيمة الكثيرة الحنان، يصف الشاعر جماعة من المعز بأنها أقبلت بلونها الأبيض وشعرها القليل المتفرق، وقد غطى لونها شيء من السواد الخفيف، ولكنها كانت تتمتع برعاية الأب والأم وما يحوطانها من الاهتمام والبر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلُ نَدۡعُوهُۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡبَرُّ ٱلرَّحِيمُ} (28)

وجملة { إنا كنا من قبل ندعوه } تعليل لمنة الله عليهم وثناء على الله بأنه استجاب لهم ، أي كنا من قبل اليوم ندعوه ، أي في الدنيا .

وحذف متعلق { ندعوه } للتعميم ، أي كنا نبتهل إليه في أمورنا ، وسبب العموم داخل ابتداء ، وهو الدعاء لأنفسهم ولذرياتهم بالنجاة من النار وبنوال نعيم الجنة .

ولما كان هذا الكلام في دار الحقيقة لا يصدر إلا عن إلهام ومعرفة كان دليلاً على أن دعاء الصالحين لأبنائهم وذرياتهم مرجو الإِجابة ، كما دل على إجابة دعاء الصالحين من الأبناء لآبائهم على ذلك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث » فذكر « وولد صالح يدعو له بخير » . وقوله : { إنه هو البر الرحيم } قرأه نافع والكسائي وأبو جعفر بفتح همزة ( أنه ) على تقدير حرف الجر محذوفاً حذفاً مطّرداً مع ( أَنَّ ) وهو هنا اللام تعليلاً ل { ندعوه } ، وقرأه الجمهور بكسر همزة ( إن ) وموقع جملتها التعليل .

والبَر : المُحسن في رفق .

والرحيم : الشديد الرحمة وتقدم في تفسير سورة الفاتحة .

وضمير الفصل لإِفادة الحصر وهو لقصر صفتي { البر } و { الرحيم } على الله تعالى وهو قصر ادعائي للمبالغة لعدم الاعتداد ببرور غيره ورحمة غيره بالنسبة إلى برور الله ورحمته باعتبار القوة فإن غير الله لا يبلغ بالمبرة والرحمة مبلغ ما لله وباعتبار عموم المتعلق ، وباعتبار الدوام لأن الله بر في الدنيا والآخرة ، وغير الله برّ في بعض أوقات الدنيا ولا يملك في الآخرة شيئاً .