{ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ } أي : قال لفرعون وملئه : أدوا إلي عباد الله ، يعني بهم : بني إسرائيل أي : أرسلوهم وأطلقوهم من عذابكم وسومكم إياهم سوء العذاب فإنهم عشيرتي وأفضل العالمين في زمانهم .
وأنتم قد ظلمتموهم واستعبدتموهم بغير حق فأرسلوهم ليعبدوا ربهم ، { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } أي : رسول من رب العالمين أمين على ما أرسلني به لا أكتمكم منه شيئا ولا أزيد فيه ولا أنقص وهذا يوجب تمام الانقياد له .
( أن أدوا إليَّ عباد الله إني لكم رسول أمين . وألا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين . وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون . وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون . . )
إنها كلمات قصيرة تلك التي جاءهم بها رسولهم الكريم - موسى عليه السلام :
إنه يطلب إليهم الاستجابة الكلية . والأداء الكامل . والاستسلام المطلق . الاستسلام المطلق لله . الذي هم عباده .
وقوله : أن أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ يقول تعالى ذكره : وجاء قوم فرعون رسول من الله كريم عليه بأن ادفعوا إليّ ، ومعنى «أدوا » : ادفعو إليّ فأرسلوا معي واتبعونِ ، وهو نحو قوله : أنْ أرْسِلْ مَعِيَ بَنِي أسْرَائِيلَ فإن في قوله : أنْ أدّوا إليّ نصب ، وعباد الله نصب بقوله : أدّوا وقد تأوله قوم : أن أدّوا إليّ يا عباد الله ، فعلى هذا التأويل عباد الله نصب على النداء . وبنحو الذي قلنا في تأويل أنْ أدّوا إليّ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَقَدْ فَتَنّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ . أن أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ إنّي لَكُمْ رَسُولٌ أمِينٌ قال : يقول : اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحقّ .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ قال : أرسلوا معي بني إسرائيل .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ قال : بني إسرائيل .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ يعني به بني إسرائيل ، قال لفرعون : علام تحبس هؤلاء القوم ، قوما أحرارا اتخذتهم عبيدا ، خلّ سبيلهم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ قال : يقول : أرسل عباد الله معي ، يعني بني إسرائيل ، وقرأ فَأرْسِلْ مَعَنا بَنِي إسْرَائِيلَ وَلا تَعذّبهم قال : ذلك قوله : أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ قال : ردّهم إلينا .
وقوله : إنّي لَكُمْ رَسُولٌ أمِينٌ يقول : إني لكم أيها القوم رسول من الله أرسلني إليكم لا يدرككم بأسه على كفركم به ، أمين : يقول : أمين على وحيه ورسالته التي أوعدنيها إليكم .
وهنا متروك يدل عليه الظاهر ، تقديره قال لهم : { أدوا } هذا ، مأخوذ من الأداء ، كأنه يقول : أن ادفعوا إلي وأعطوني ومكنوني .
واختلف المتأولون في الشيء المؤدى في هذه الآية ما هو ؟ فقال مجاهد وابن زيد وقتادة : طلب منهم أن يؤدوا إليه بني إسرائيل وإياهم أراد بقوله : { عباد الله } وقال ابن عباس المعنى : اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق ، فقوله : { عباد الله } منادى مضاف ، والمؤدى هي الطاعة والإيمان والأعمال .
قال القاضي أبو محمد : والظاهر من شرع موسى عليه السلام أنه بعث إلى دعاء فرعون إلى الإيمان ، وأن يرسل بني إسرائيل ، فلما أبى أن يؤمن ، ثبتت المكافحة في أن يرسل بني إسرائيل ، وفي إرسالهم هو قوله : { أن أدوا إلى عباد الله } أي بني إسرائيل ، ويقوي ذلك قوله بعد : { وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون } [ الدخان : 21 ] ، وهذا قريب نص في أنه إنما يطلب بني إسرائيل فقط ، ويؤيد ذلك أيضاً قوله تعالى : { فاسر بعبادي } فيظهر أنه إياهم أراد موسى بقوله : { عباد الله } وقوله : { رسول أمين } معناه على وحي الله تعالى أؤديه إلى عباده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.