جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{أَنۡ أَدُّوٓاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِۖ إِنِّي لَكُمۡ رَسُولٌ أَمِينٞ} (18)

وقوله : أن أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ يقول تعالى ذكره : وجاء قوم فرعون رسول من الله كريم عليه بأن ادفعوا إليّ ، ومعنى «أدوا » : ادفعو إليّ فأرسلوا معي واتبعونِ ، وهو نحو قوله : أنْ أرْسِلْ مَعِيَ بَنِي أسْرَائِيلَ فإن في قوله : أنْ أدّوا إليّ نصب ، وعباد الله نصب بقوله : أدّوا وقد تأوله قوم : أن أدّوا إليّ يا عباد الله ، فعلى هذا التأويل عباد الله نصب على النداء . وبنحو الذي قلنا في تأويل أنْ أدّوا إليّ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَقَدْ فَتَنّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ . أن أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ إنّي لَكُمْ رَسُولٌ أمِينٌ قال : يقول : اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحقّ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ قال : أرسلوا معي بني إسرائيل .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ قال : بني إسرائيل .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ يعني به بني إسرائيل ، قال لفرعون : علام تحبس هؤلاء القوم ، قوما أحرارا اتخذتهم عبيدا ، خلّ سبيلهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ قال : يقول : أرسل عباد الله معي ، يعني بني إسرائيل ، وقرأ فَأرْسِلْ مَعَنا بَنِي إسْرَائِيلَ وَلا تَعذّبهم قال : ذلك قوله : أنْ أدّوا إليّ عِبادَ اللّهِ قال : ردّهم إلينا .

وقوله : إنّي لَكُمْ رَسُولٌ أمِينٌ يقول : إني لكم أيها القوم رسول من الله أرسلني إليكم لا يدرككم بأسه على كفركم به ، أمين : يقول : أمين على وحيه ورسالته التي أوعدنيها إليكم .