{ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا } أي : لا تسلطهم علينا بذنوبنا ، فيفتنونا ، ويمنعونا مما يقدرون عليه من أمور الإيمان ، ويفتنون أيضا بأنفسهم ، فإنهم إذا رأوا لهم الغلبة ، ظنوا أنهم على الحق وأنا على الباطل ، فازدادوا كفرا وطغيانا ، { وَاغْفِرْ لَنَا } ما اقترفنا من الذنوب والسيئات ، وما قصرنا به من المأمورات ، { رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } القاهر لكل شيء ، { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها ، فبعزتك{[1054]} وحكمتك انصرنا على أعدائنا ، واغفر لنا ذنوبنا ، وأصلح عيوبنا .
ويستطرد لهذا في إثبات بقية دعاء إبراهيم ونجواه لمولاه :
( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ) . .
فلا تسلطهم علينا . فيكون في ذلك فتنة لهم ، إذ يقولون : لو كان الإيمان يحمي أهله ما سلطنا عليهم وقهرناهم ! وهي الشبهة التي كثيرا ما تحيك في الصدور ، حين يتمكن الباطل من الحق ، ويتسلط الطغاة على أهل الإيمان - لحكمة يعلمها الله - في فترة من الفترات . والمؤمن يصبر للابتلاء ، ولكن هذا لا يمنعه أن يدعو الله ألا يصيبه البلاء الذي يجعله فتنة وشبهة تحيك في الصدور .
يقولها إبراهيم خليل الرحمن . إدراكا منه لمستوى العبادة التي يستحقها منه ربه ، وعجزه ببشريته عن بلوغ المستوى الذي يكافئ به نعم الله وآلاءه ، ويمجد جلاله وكبرياءه فيطلب المغفرة من ربه ، ليكون في شعوره وفي طلبه أسوة لمن معه ولمن يأتي بعده .
ويختم دعاءه وإنابته واستغفاره يصف ربه بصفته المناسبة لهذا الدعاء :
القول في تأويل قوله تعالى : { رَبّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لّلّذِينَ كَفَرُواْ وَاغْفِرْ لَنَا رَبّنَآ إِنّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللّهَ وَالْيَوْمَ الاَخِرَ وَمَن يَتَوَلّ فَإِنّ اللّهَ هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيدُ } .
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل إبراهيم خليله والذين معه : يا ربّنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بك فجحدوا وحدانيتك ، وعبدوا غيرك ، بأن تسلطهم علينا ، فيروا أنهم على حقّ ، وأنا على باطل ، فتجعلنا بذلك فتنة لهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً للّذِينَ كَفَرُوا }قال لا تعذّبنا بأيديهم ، ولا بعذاب من عندك ، فيقولوا : لو كان هؤلاء على حقّ ما أصابهم هذا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { رَبّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً للّذِينَ كَفَرُوا }قال : يقول : لا تظهرهم علينا فيَفْتَتنوا بذلك . يرون أنهم إنما ظهروا علينا لحقّ هم عليه .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً للّذِينَ كَفَرُوا }يقول : لا تسلّطْهم علينا فيفتنونا .
وقوله : { وَاغُفِرْ لَنا رَبّنا }يقول : واستر علينا ذنوبنا بعفوك لنا عنها يا ربنا ، { إنّكَ أنْتَ العَزِيزُ الْحَكِيمُ }يعني الشديد الانتقام ممن انتقم منه ، الحكيم : يقول الحكيم في تدبيره خلقه ، وصرفه إياهم فيما فيه صلاحهم .
قوله تعالى : { ربنا لا تجعلنا } الآية ، حكاية عن إبراهيم ومن معه والمعنى : لا تغلبهم علينا ، فتكون لهم فتنة وسبب ضلالة ، لأنهم يتمسكون بكفرهم ويقولون إنما غلبناهم لأنا على الحق وهم على الباطل ، نحا هذا المنحى قتادة وأبو مجلز ، وقال ابن عباس المعنى : لا تسلطهم علينا فيفتنوننا عن أدياننا فكأنه قال : لا تجعلنا مفتونين فعبر عن ذلك بالمصدر وهذا أرجح الأقوال لأنهم إنما دعوا لأنفسهم ، وعلى منحى قتادة إنما دعوا للكفار . أما أن مقصدهم إنما هو أن يندفع عنهم ظهور الكفار الذي يسببه فتن الكفار فجاء في المعنى تحليق بليغ ، ونحوه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بئس الميت سعد ){[11047]} - ليهود - لأنهم يقولون لو كان محمد نبياً لم يمت صاحبه » .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل إبراهيم خليله والذين معه: يا ربّنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بك فجحدوا وحدانيتك، وعبدوا غيرك، بأن تسلطهم علينا، فيروا أنهم على حقّ، وأنا على باطل، فتجعلنا بذلك فتنة لهم... {وَاغُفِرْ لَنا رَبّنا} يقول: واستر علينا ذنوبنا بعفوك لنا عنها يا ربنا، {إنّكَ أنْتَ العَزِيزُ الْحَكِيمُ} يعني الشديد الانتقام ممن انتقم منه، الحكيم: يقول الحكيم في تدبيره خلقه، وصرفه إياهم فيما فيه صلاحهم.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
ذكر أهل التفسير أن تأويل هذه الآية يخرج على ثلاثة أوجه:
والثاني: لا تنزل علينا العذاب دونهم، فيظنوا أنهم على حق، ونحن على باطل. والثالث: لا توسع عليهم الدنيا، وتضيقها علينا فيظنوا أنهم على حق، ونحن على باطل. ويحتمل أن يكون المعنى من قوله: {لا تجعلنا فتنة} يعني عذابا أي سببا يعذب به الكفرة.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
وقوله: (ربنا) أي يقولون ربنا، (عليك توكلنا) فالتوكل على الله تفويض الأمور إليه ثقة بحسن تدبيره في كل ما يدبره به، (وإليك أنبنا) أي رجعنا وتبنا اليك أي رجعنا إلى طاعتك (واليك المصير) معناه واليك مرجع كل شيء يوم القيامة، وقال أيضا وكانوا يقولون: (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا) ومعناه لا ترهم فينا ما يشمتون بجهلهم بنا. (واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت العزيز الحكيم) في جميع أفعالك، وفي ذلك تعليم أنه ينبغي أن يدعو الإنسان بهذا الدعاء.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
ربَّنا لا تُظْفِرهم [الذين كفروا] بنا، ولا تُقَوِّهم علينا.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
حكاية عن إبراهيم ومن معه والمعنى: لا تغلبهم علينا، فتكون لهم فتنة وسبب ضلالة، لأنهم يتمسكون بكفرهم ويقولون إنما غلبناهم لأنا على الحق وهم على الباطل، نحا هذا المنحى قتادة وأبو مجلز. وقال ابن عباس المعنى: لا تسلطهم علينا فيفتنوننا عن أدياننا فكأنه قال: لا تجعلنا مفتونين فعبر عن ذلك بالمصدر وهذا أرجح الأقوال لأنهم إنما دعوا لأنفسهم...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما أخبروا بإسلامهم له سبحانه وعللوه بما اقتضى الإحاطة فاقتضى مجموع ذلك الثناء الأتم، فلزم منه الطلب، صرحوا به فقالوا داعين بإسقاط الأداة للدلالة على غاية قربه سبحانه بما له من الإحاطة: {ربنا} أي أيها المربي لنا والمحسن إلينا {لا تجعلنا} بإضعافنا والتسليط علينا {فتنة} أي موضع اختبار {للذين كفروا} بأن يعذبونا بعذاب يميلنا عما نحن عليه ويميلهم عما وصلوا إليه بسبب إسلامنا من الزلازل بما يوجب ذلك لهم من اعتقاد لو أنك كنت راضياً بديننا لكنا على الحق وكانوا هم على الباطل ما أمكنت منا، فيزيدهم ذلك طغياناً ظناً منهم أنهم على الحق وأنا على الباطل. ولما كان رأس مال المسلم الأعظم الاعتراف بالتقصير وإن بلغ النهاية في المجاهدة فإن الإله في غاية العظمة والعبد في نهاية الضعف، فبلوغه ما يحق له سبحانه لا يمكن بوجه قالوا: {واغفر لنا} أي استر ما عجزنا فيه وامح عينه وأثره. ولما طلبوا منه الحياطة من جميع الجوانب، عللوه زيادة في التضرع والخضوع واستجاز المطلوب مكررين صفة الإحسان زيادة في الترقق والاستعطاف بقولهم: {ربنا} أي المحسن إلينا، وأكدوا إعلاماً بشدة رغبتهم بحسن الثناء عليه سبحانه واعترافاً بأنهم قد يفعلون ما فيه شيء من تقصير فيكون من مثل أفعال من لا يعرفه سبحانه فقالوا: {إنك أنت} أي وحدك لا غيرك {العزيز} الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء {الحكيم} الذي يضع الأشياء في أوفق محالها فلا يستطاع نقضها، ومن كان كذلك فهو حقيق بأن يعطى من أمله فوق ما طلب.
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
ومآل هذا الدعاء هو التعوذ من مثل ما صنع حاطب مما يورث افتتان المشركين بالدين إذ يكون ذلك مدعاة لقولهم لو كان هؤلاء على حق وما يوعدون به من الظفر حق، لما صانعنا مؤمنهم، فإذن ما هم عليه أماني، فيتزلزل من كان في نفسه الانتظام في سلكهم والاستسعاد بحقهم. ففي الآية معنى كبير وتأديب عظيم؛ أي ربنا لا تجعلنا نهمل من ديننا ما أمرنا به أو نتساهل فيما عزم علينا منه حتى لا تنحل بذلك قوتنا ويتزلزل عمادنا ويفتح لعدو الدين الافتتان به لأن المؤمنين ما داموا متمسكين بآداب الدين محافظين عليها قائمين بها حق القيام فإن النصر قائدهم والظفر رائدهم ولذا أصبح المسلمون في القرون الأخيرة بحالهم حجة على دينهم أمام عدوهم ولا مسترد لقولهم ومستعاذ لمجدهم إلا بالرجوع إلى أصل كتابهم والعمل بآدابه والمحافظة على أحكامه ونبذ ما ألصق به مما يحرف كلمته ويجافي حقيقته وللحكماء في هذا الموضوع مقالات معروفة.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويستطرد لهذا في إثبات بقية دعاء إبراهيم ونجواه لمولاه: (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا).. فلا تسلطهم علينا. فيكون في ذلك فتنة لهم، إذ يقولون: لو كان الإيمان يحمي أهله ما سلطنا عليهم وقهرناهم! وهي الشبهة التي كثيرا ما تحيك في الصدور، حين يتمكن الباطل من الحق، ويتسلط الطغاة على أهل الإيمان -لحكمة يعلمها الله- في فترة من الفترات. والمؤمن يصبر للابتلاء، ولكن هذا لا يمنعه أن يدعو الله ألا يصيبه البلاء الذي يجعله فتنة وشبهة تحيك في الصدور. وبقية الدعاء: (واغفر لنا).. يقولها إبراهيم خليل الرحمن. إدراكا منه لمستوى العبادة التي يستحقها منه ربه، وعجزه ببشريته عن بلوغ المستوى الذي يكافئ به نعم الله وآلاءه... (ربنا إنك أنت العزيز الحكيم).. العزيز: القادر على الفعل، الحكيم: فيما يمضي من تدبير.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الفتنة: اضطراب الحال وفساده وهي اسم مصدر فتجيء بمعنى المصدر كقوله تعالى: {والفتنة أشد من القتل} [البقرة: 191] وتجيء وصفاً للمفتون والفاتن. ومعنى جَعلهم فتنة للذين كفروا: جعلهم مفتونين يفتنُهم الذين كفروا، فيصدق ذلك بأن يتسلط عليهم الذين كفروا فيفتنون كما قال تعالى: {إن الذين فتنوا المؤمنين} [البروج: 10] الخ. ويصدق أيضاً بأن تختل أمور دينهم بسبب الذين كفروا، أي بمحبتهم والتقرب منهم كقوله تعالى حكاية عن دعاء موسى {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء} [الأعراف: 155]. واللام في {للذين كفروا} على الوجهين للملك، أي مفتونين مسخرين لهم. ويجوز عندي أن تكون {فتنة} مصدراً بمعنى اسم الفاعل، أي لا تجعلنا فاتنين، أي سبب فتنة للذين كفروا، فيكونَ كناية عن معنى لا تغلِّب الذين كفروا علينا واصرف عنا ما يكون به اختلال أمرنا وسوءِ الأحوال كيلا يكون شيء من ذلك فاتناً الذين كفروا، أي مقوياً فتنتهم فيُفْتَتَنُوا في دينهم، أي يزدادوا كفراً وهو فتنة في الدين، أي فيظنوا أنا على الباطل وأنهم على الحق {واغفر لَنَا ربنا}. أعقبوا دعواتهم التي تعود إلى إصلاح دينهم في الحياة الدنيا بطلب ما يصلح أمورهم في الحياة الآخرة وما يوجب رضى الله عنهم في الدنيا فإن رضاهُ يفضي إلى عنايته بهم بتسيير أمورهم في الحياتين. وللإِشعار بالمغايرة بين الدعوتين عطفت هذه الواو ولم تعطف التي قبلها...
{إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم}. تعليل للدعوات كلها فإن التوكل والإِنابة والمصير تناسب صفة {العزيز} إذ مثله يعامِل بمثل ذلك، وطلبَ أن لا يجعلهم فتنة باختلاف معانيه يناسب صفة {الحكيم}، وكذلك طلب المغفرة لأنهم لما ابتهلوا إليه أن لا يَجعلهم فتنة الكافرين وأن يغفر لهم رأوا أن حكمته تناسبها إجابة دعائهم لما فيه من صلاحهم وقد جاؤوا سائلينه.
{ربّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً للذينَ كَفَرُوا واغْفِرْ لَنَا ربّنَا إنّكَ أنتَ العزيزُ الحكيمُ}
هذا دعاء المؤمنين وعلى رأسهم سيدنا إبراهيم يقولون {ربّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فتْنَةً..} [الممتحنة] كيف يكون المؤمن فتنة للكافر؟ المؤمن يكون فتنة للكافر في حالتين، إذا انهزم المؤمنون في معركة أمام الكافرين، عندها يُفتن الكافر لأنه سيقول: لو كانوا مؤمنين بالله ما انهزموا. أو لو كان لهم ربٌّ يدافع عنهم ما انهزموا، أو يقولون لو كانوا صادقين في إيمانهم ما انهزموا وهذه فتنة. أو يفتن الكافر بالمؤمن حينما يرى أهل الإيمان يرتكبون المعاصي ولا يلتزمون بمنهج الله فيزهدون في الإسلام ويكرهون الانتساب إليه. وهذا واقع المسلمين الآن، يُنفّرون الناس من دين الله بدل أنْ يجذبوهم إليه، لذلك قال علماؤنا: لا ينصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
والمؤمن يتحمل هذه المسؤولية مسؤولية الصدّ عن دين الله، لذلك كان هذا الدعاء {ربَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً للذينَ كفرُوا..} اجعلنا مُنفّذين لأوامرك تنفيذاً يحبّب الآخرين في الدين، ولا نكون حجة لهم في الإعراض عن دينك.
وهذا يعطينا ضرورة التمسك بتعاليم الدين حتى لا ينظر أحد إلى المسلم أو المؤمن ويقول: هذا هو من يعلن الإيمان ويتصرف عكس تعاليم دينه، فيكون سبباً في فتنة آخرين.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
من المحتمل أن يكون ما ورد في الآية إشارة إلى عمل «حاطب بن أبي بلتعة» واحتمال صدور شبيهه من أشخاص جهلة يكونون سبباً في تقوية الظالمين، من حيث لا يشعرون، بل يتصوّرون أنّهم يعملون لمصلحة الإسلام، أو إنّ المراد في الحقيقة دعاء بأنّه لا تجعلنا نقع في قبضة الكافرين فيقولوا: أنّ هؤلاء لو كانوا على الحقّ ما غلبوا، ويؤدّي هذا التوهّم إلى ضلالهم أكثر. وهذا يعني أنّ المسلمين ما كانوا يأبهون بالخوف من خشية على مصالحهم أو على أنفسهم؛ بل لكي لا يقع مبدأ الحقّ في دائرة الشكّ ويكون الانتصار الظاهري للكفّار دليلا على حقّانيتهم وهذا هو منهج الإنسان المؤمن الراسخ في إيمانه، حيث أنّ جميع ما يقوم به ويضحّي في سبيله لا لأجل نفسه، بل لله سبحانه، فهو مرتبط به وحده، قاطع كلّ علاقة بما سواه، طالب كلّ شيء لمرضاته. ويضيف في نهاية الآية: {واغفر لنا ربّنا إنّك أنت العزيز الحكيم}.إنّ هذه الجملة قد تكون إشارة لطلب المغفرة من الله سبحانه والعفو عن الزلل في حالة حصول الميل النفسي والحبّ والولاء لأعداء الله. وهذا درس لكلّ المسلمين كي يقتدوا بهؤلاء. وإذا ما وجد بينهم شخص منحرف.