تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغۡفِرۡ لَنَا رَبَّنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (5)

الآية 5 وقوله تعالى : { ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا } ذكر أهل التفسير أن تأويل هذه الآية يخرج على ثلاثة أوجه :

أحدها : أي [ لا ]{[21039]} تسلط علينا أعداءنا ، فيظنوا أنهم على حق ، ونحن على باطل .

[ والثاني : ] {[21040]} لا تنزل علينا العذاب دونهم ، فيظنوا أنهم على حق ، ونحن على باطل .

[ والثالث ] {[21041]}لا توسع عليهم الدنيا ، وتضيقها {[21042]}علينا فيظنوا أنهم على حق ، ونحن على باطل .

ولو كان التأويل هو الثاني لكان يجيء على هذا أن يكون الواجب على العدول من هذه الأمة أن يسألوا الله تعالى العافية لئلا يتوهم فساقهم أنهم على الحق .

ولكن الجواب عن هذا أن الفسّاق في هذه الأمة قد علموا أن الذي هم فيه من الفسق محظور .

وأما الكفرة فإن عندهم أن ما يدينون به من الكفر حق ، فإذا سلطوا على المؤمنين توهموا أن الذي حسبوه حقا حق .

وأما الفسقة من هذه الأمة إذا علموا أن الفسق منهي عنه محظور فلا يقع لهم هذا الحسبان ، والله اعلم .

ويحتمل أن يكون المعنى من قوله : { لا تجعلنا فتنة } يعني عذابا أي سببا يعذب به الكفرة كما قال : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } [ آل عمران : 149 ] وكان تأويله أن إيتاء السبب الذي يستوجب { ما وعدتنا على رسلك } فكذلك الأول ، والله اعلم .

وقوله تعالى { إنك أنت العزيز الحكيم } يعني المنتقم من أعدائه .


[21039]:من م، ساقطة من الأصل.
[21040]:في الأصل و م: أو.
[21041]:في الأصل و م:و.
[21042]:في الأصل و م: وتضيق.