{ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ْ } أي : بالعدل الذي ترضون أن تعطوه ، { وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ْ } أي : لا تنقصوا من أشياء الناس ، فتسرقوها بأخذها ، بنقص المكيال والميزان .
{ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ْ } فإن الاستمرار على المعاصي ، يفسد الأديان ، والعقائد ، والدين ، والدنيا ، ويهلك الحرث والنسل .
ومرة أخرى يكرر شعيب نصحه في صورة إيجابية بعد صورة النهي السلبية :
( ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ) . .
وإيفاء الكيل والميزان أقوى من عدم نقصهما ، لأنه أقرب إلى جانب الزيادة .
وللعبارات ظل في الحس . وظل الإيفاء غير ظل عدم النقص ، فهو أكثر سماحة ووفاء .
( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ) . .
وهذه أعم من المكيلات والموزونات . فهو يشمل حسن تقويم أشياء الناس من كل نوع . تقويمها كيلا أو وزنا أو سعرا أو تقديرا . وتقويمها ماديا أو معنويا . وقد تدخل في ذلك الأعمال والصفات . لأن كلمة " شيء " تطلق أحيانا ويراد بها غير المحسوسات .
وبخس الناس أشياءهم - فوق أنه ظلم - يشيع في نفوس الناس مشاعر سيئة من الألم أو الحقد ، أو اليأس من العدل والخير وحسن التقدير . . وكلها مشاعر تفسد جو الحياة والتعامل والروابط الاجتماعية والنفوس والضمائر ، ولا تبقي على شيء صالح في الحياة .
( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) . .
والعثو هو الإفساد ، فلا تفسدوا متعمدين الإفساد ، قاصدين إلى تحقيقه . ثم يوقظ وجدانهم إلى خير أبقى من ذلك الكسب الدنس الذي يحصلون عليه بنقص المكيال والميزان وبخس الناس أشياءهم في التقدير :
القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَقَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } .
يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل شعيب لقومه : أوفُوا الناس الكيل والميزان { بالقسط } ، يقول : بالعدل ، وذلك بأن توفّوا أهل الحقوق التي هي مما يكال أو يوزن حقوقهم على ما وجب لهم من التمام بغير بخس ولا نقص .
وقوله : { وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهُمْ } ، يقول : ولا تنقصوا الناس حقوقهم التي يجب عليكم أن توفوهم كيلاً أو وزنا أو غير ذلك . كما :
حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا علي بن صالح بن حيّ ، قال : بلغني في قوله : { وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهُمْ } ، قال : لا تنقصوهم .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهُمْ } ، يقول : لا تظلموا الناس أشياءهم .
وقوله : { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } ، يقول : ولا تسيروا في الأرض تعملون فيها بمعاصي الله . كماحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } ، قال : لا تسيروا في الأرض .
حُدثت عن المسيب ، عن أبي روق ، عن الضحاك : { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } . يقول : لا تسعوا في الأرض مفسدين ، يعني : نقصان الكيل والميزان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.