{ ويا قوم أوفوا } ، أي : أتموا إتماماً حسناً { المكيال والميزان } ، أي : الكيل والوزن وآلتهما . فإن قيل : النهي عن النقصان أمر بالإيفاء فما فائدة قوله تعالى { أوفوا } ؟ أجيب : بأنهم نهوا أوّلاً عن القبيح الذي كانوا عليه من نقص المكيال والميزان ؛ لأنّ في التصريح بالقبيح نفياً عن المنهي وتغييراً له ، ثم ورد الأمر بالإيفاء الذي هو حسن في العقول مصرحاً بلفظه لزيادة ترغيب فيه وبعث عليه وجيء به مقيداً . { بالقسط } ، أي : ليكون الإيفاء على وجه العدل والتسوية من غير زيادة ولا نقصان أمراً بما هو الواجب ؛ لأنّ ما جاوز العدل فضل وأمر مندوب إليه غير المأمور به ، وقد يكون محظوراً كما في الربا وقوله تعالى : { ولا تبخسوا الناس أشياءهم } تعميم بعد تخصيص فإنه أعم من أن يكون في المقدار أو في غيره ، فإنهم كانوا يأخذون من كل شيء يباع كما تفعل السماسرة وكانوا ، يمسكون الناس ، وكانوا ينقصون من أثمان ما يشترون من الأشياء ، فنهوا عن ذلك ، فظهر بهذا البيان أنّ هذه الأشياء غير مكررة بل في كل واحد منها فائدة زائدة . والحاصل : أنه تعالى نهى في الآية الأولى عن النقصان في المكيال والميزان ، وفي الثانية : أمر بإعطاء قدر الزيادة ولا يحصل الجزم واليقين بأداء الواجب إلا عند أداء ذلك القدر من الزيادة ، ولهذا قال الفقهاء : إنه تعالى أمر بغسل الوجه وذلك لا يحصل إلا عند غسل جزء من الرأس ، فكأنه تعالى نهى أوّلاً عن سعي الإنسان في أن يجعل مال غيره ناقصاً لتحصل له تلك الزيادة . وفي الثاني : أمر بأن يسعى في تنقيص مال نفسه ليخرج بالتعيين عن العهدة كما قيده بقوله تعالى { بالقسط } ، وفي الآية الثالثة نهى عن النقص في كل الأشياء وكذا قوله تعالى : { ولا تعثوا في الأرض مفسدين } فإنّ العثو يعم تنقيص الحقوق وغيره من أنواع الفساد ، ومفسدين حال مؤكدة لمعنى عاملها . وفائدتها : إخراج ما يقصد به الإصلاح كما فعله الخضر عليه السلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.