لما أمر اللهُ تَعَالَى بالاقتداء بأنصار الأنبياءِ حذَّر عن طاعة الكفار - يعني مشركي العرب - وذلك أنّ الكفار لما أرجفوا بقولهم : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قُتِل ودعا المنافقونَ بعضَ ضَعَفَةِ المُسْلِمِين ، مَنَعَ المسلمين بهذه الآية عن الالتفات إلى كلام أولئك المنافقين .
وقيل : المرادُ - بالذين كفروا - عبد الله بن أبي وأتباعه في قولهم للمؤمنين عند الهزيمة : ارجعوا إلى إخوانكم ، وادخلوا في دينهم ، وقالوا : لو كان محمدٌ رسولَ اللهِ ما وقعت له هذه الواقعةُ ، وإنما هو رجل كسائر الناسِ ، يَوْمٌ لَهُ ، وَيَومٌ عليه .
وقال آخرون : المراد - بالذين كفروا - اليهود الذين كانوا بالمدينة يُلْقُون الشُّبهَاتِ .
وقيل : المرادُ أبو سفيان ؛ لأنه كان شجرة الفتن .
قال ابنُ الْخَطِيبِ : " والأقرب أنه يتناول كُلَّ الكفار ؛ لأن اللفظ عامٌّ ، وخصوص السببِ لا يمنع من عموم اللفظِ " .
قوله : { يَرُدُّوكُم } جواب { إِن تُطِيعُواْ } وقوله : { إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ } لا يُمْكن حمله على طاعتهم في كل ما يقولونه ، بل لا بُدَّ من التخصيصِ .
وقيل : إن تطيعوهم فيما يأمرونكم به يوم أحُدٍ من ترك الإسلامِ .
وقيل : إن تطيعوهم في كل ما يأمرونكم به من الضلال .
وقيل في المشورة . وقيل في تَرْك المحاربة ، وهو قوله : { لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } [ آل عمران : 156 ] ثم قال : { يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } يعني يردوكم إلى الكُفْر بعد الإيمان ؛ لأن قبولَهُم في الدعوة إلى الكفر ، ثم قال : { فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ } فلما كان اللفظ عاماً دخل فيه خُسران الدنيا وخُسْران الآخرة .
أما خسران الدنيا فلان أشَقَّ الأشياء على العُقلاء في الدنيا الانقياد إلى العَدُوِّ ، وإظهار الحاجة إليه . وأما خُسْران الآخرة فالحرمان من الثواب المؤبَّد ، والوقوع في العقاب المخلَّد و " خَاسِرِينَ " حالٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.