قوله تعالى : { يقلب الله الليل والنهار } يصرفهما في اختلافهما وتعاقبهما يأتي بالليل ويذهب بالنهار ، ويأتي بالنهار ويذهب بالليل .
أخبرنا عبد الحميد المليحي ، أنبأنا عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، أنبأنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا حميد ، أنبأنا سفيان ، أنبأنا الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى : " يؤذيني ابن آدم ، يسب الدهر ، وأنا الدهر ، يبدي الأمر ، أقلب الليل والنهار " . قوله تعالى : { إن في ذلك } يعني : في ذلك الذي ذكرت من هذه الأشياء ، { لعبرة لأولي الأبصار } يعني : دلالة لأهل العقول والبصائر على قدرة الله تعالى وتوحيده .
{ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } من حر إلى برد ، ومن برد إلى حر ، من ليل إلى نهار ، ومن نهار إلى ليل ، ويديل الأيام بين عباده ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ } أي : لذوي البصائر ، والعقول النافذة للأمور المطلوبة منها ، كما تنفذ الأبصار إلى الأمور المشاهدة الحسية . فالبصير ينظر إلى هذه المخلوقات نظر اعتبار وتفكر وتدبر لما أريد بها ومنها ، والمعرض الجاهل نظره إليها نظر غفلة ، بمنزلة نظر البهائم .
وبعد أن ساق - سبحانه - هذا الدليل العلوى على وحدانيته وقدرته . أتبعه بدليل زمنى يحسه الناس ويشاهدونه فى حياتهم فقال : { يُقَلِّبُ الله الليل والنهار } أى : يعاقب بينهما فيأتى بهذا ، ويذهب بذاك ، وينقص أحدهما ويزيد فى الآخر ، ويجعل أولهما وقتا لحلول نعمه والثانى لنزول نقمه ، أو العكس ، فهو - سبحانه - صاحبهما والمتصرف فيها " إن فى ذلك " التقليب والإزجاء والتأليف ، وغير ذلك من مظاهر قدرته المبثوثة فى الآفاق " لآيات " عظيمة " لأولى الأبصار " التى تبصر قدرة الله - تعالى - وتعتبر بها ، فتخلص له العبادة والطاعة .
وقوله { يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } أي : يتصرف فيهما ، فيأخذ من طول هذا في قصر هذا حتى يعتدلا ثم يأخذ من هذا في هذا ، فيطول الذي كان قصيرًا ، ويقصر الذي كان طويلا . والله هو المتصرف في ذلك بأمره وقهره وعزته وعلمه .
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأولِي الأبْصَارِ } أي : لدليلا على عظمته تعالى ، كما قال الله تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ } [ آل عمران : 190 ] . وما بعدها من الآيات الكريمات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.