تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ} (44)

الآية 44 : ( وقوله تعالى ){[14142]} : ]يقلب الله الليل والنهار[ تقليبه الليل والنهار اختلافهما : يأتي بهذا ، ويذهب بالآخر . يذكر هذا ، والله أعلم ، صلة لقوله{[14143]} : [ ولله ملك السموات والأرض[ الآية ( النور : 42 ) يخبر عن سلطانه وقدرته وتدبيره وعلمه وحكمته ووحدانيته .

أما سلطانه وقدرته فما{[14144]} ذكر من سوق السحاب بين السماء والأرض ، وتسخيره ، وضم بعضه إلى بعض . دل ذلك ، أنه قادر بذاته ، لا يعجزه شيء .

ودل نزول المطر وإصابته في مكان دون ( مكان ){[14145]} وتخطيه موضعا دون موضع مع اتصال السحاب وانضمام بعضه إلى بعض على السواء أنه على التدبير والعلم ، كان ذلك لا بطباع السحاب أو على جزاف .

ودل جريان الأمر واتساق التدبير في ما ذكرنا ، وفي اختلاف الليل والنهار ، وتقليبها من حال على حال من النقصان إلى الزيادة ( ومن الزيادة ){[14146]} إلى النقصان ، واتصال منافع الأرض ( بالسماء ){[14147]} على بعد ما بينهما ، أنه تدبير واحد لا عدد ؛ إذ لو كان تدبير عدد لمنع بعض بعضا عما يريد من التدبير والنفع .

دل ذلك كله على أنه واحد عليم قادر مدبر ، لا يعجزه شيء .

ولذلك قال : ]إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار[ لما ذكرنا ما فيه من وجوه الاستدلال والاعتبار .

قال القتبي وأبو عوسجة : ]يزجى[ أي يسوق ]ركاما[ بعضه فوق بعض ]فترى الودق[ أي المطر ]يخرج من خلاله[ وخلاله ]سنا برقه[ ضوء برقه .

قال أبو عوسجة : ( الركام والركم الكثير ){[14148]} المتراكم الذي بعضه فوق بعض ، يقال : ارتكم الشيء ، أي صار بعضه فوق بعض ، ويقال : ركمت المتاع أركمه كما إذا جعلت بعضه فوق بعض ، والودق المطر ، يقال : ودقت السماء تدق ودقا أي أمطرت ]يخرج من خلاله[ أي من بينه ، وواحد الخلال خلل ]يكاد سنا برقه[ السنى مقصور ( وممدود هو ){[14149]} الضوء . يقال : السنى النار ، وهو واحد .


[14142]:ساقطة من الأصل وم.
[14143]:في الأصل وم: قوله.
[14144]:الفاء ساقطة من الأصل وم.
[14145]:من م، ساقطة من الأصل.
[14146]:من م، ساقطة من الأصل.
[14147]:ساقطة من الأصل وم.
[14148]:في الأصل وم: الركام والكثير.
[14149]:في الأصل وم: وهو.