معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَٰيَحۡيَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَٰبَ بِقُوَّةٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِيّٗا} (12)

قوله عز وجل : { يا يحيى } ، قيل : فيه حذف معناه : ووهبنا له يحيى وقلنا له : يا يحيى ، { خذ الكتاب } ، يعني التوراة ، { بقوة } ، بجد ، { وآتيناه الحكم } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : النبوة ، { صبياً } ، وهو ابن ثلاث سنين . وقيل : أراد بالحكم فهم الكتاب ، فقرأ التوراة وهو صغير . وعن بعض السلف : من قرأ القرآن قبل أن يبلغ فهو ممن أوتي الحكم صبياً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰيَحۡيَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَٰبَ بِقُوَّةٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِيّٗا} (12)

دل الكلام السابق على ولادة يحيى ، وشبابه ، وتربيته ، فلما وصل إلى حالة يفهم فيها الخطاب أمره الله أن يأخذ الكتاب بقوة ، أي : بجد واجتهاد ، وذلك بالاجتهاد في حفظ ألفاظه ، وفهم معانيه ، والعمل بأوامره ونواهيه ، هذا تمام أخذ الكتاب بقوة ، فامتثل أمر ربه ، وأقبل على الكتاب ، فحفظه وفهمه ، وجعل الله فيه من الذكاء والفطنة ، ما لا يوجد في غيره ولهذا قال : { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ْ } أي : معرفة أحكام الله والحكم بها ، وهو في حال صغره وصباه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَٰيَحۡيَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَٰبَ بِقُوَّةٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِيّٗا} (12)

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن يحيى ، فبينت ما أمره الله - تعالى به ، وما منحه من صفات فاضلة . فقال - تعالى - : { يايحيى . . . } .

وقوله - سبحانه - : { يايحيى خُذِ الكتاب بِقُوَّةٍ } مقول لقول محذوف ، والسر فى حذفه المسارعة إلى الإخبار بإنجاز الوعد الكريم .

والتقدير : وبعد أن ولد يحيى ، ونما وترعرع قلنا له عن طريق وحينا : { يايحيى خُذِ الكتاب } الذى هو التوراة { بِقُوَّةٍ } أى : بجد واجتهاد ، وتفهم لمعناه على الوجه الصحيح ، وتطبيق ما اشتمل عليه من أحكام وآداب ، فإن بركة العلم فى العمل به .

والجار والمجرور { بِقُوَّةٍ } حال من فاعل خذ وهو يحيى ، والباء للملابسة أى : خذه حالة كونك ملتبساً بحفظه وتنفيذ أحكامه بشدة وثبات .

وقوله : { وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً } أى : وأعطيناه بقدرتنا وفضلنا { الحكم } أى : فهم الكتاب والعمل بأحكامه ، وهو فى سن الصبا .

قيل : كان سنه ثلاث سنين ، وقيل سبع سنين .

قال الآلوسى : " أخرج أبو نعيم ، وابن مردويه ، والديلمى ، عن ابن عباس ، عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال فى ذلك : " أعطى الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين " .

وقال الجمل فى حاشيته : " فإن قلت : كيف يصح حصول العقل والفطنة والنبوة حال الصبا ؟ .

قلت : لأن أصل النبوة مبنى على خرق العادات . إذا ثبت هذا . فلا تمنع صيروة الصبى نبيا . وقيل : أراد بالحكم فهم الكتاب فقرأ التوراة وهو صغير . . .

والذى تطمئن إليه النفس وعليه جمهور المفسرين أن المراد بالحكم هنا : العلم النافع مع العمل به ، وذلك عن طريق حفظ التوراة وفهمها وتطبيق أحكامها .

قال ابن كثير : { وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً } أى : الفهم والعلم والجد والعزم ، والإقبال على الخير ، والإكباب عليه ، والاجتهاد فيه ، وهو صغير حدث .

قال عبد الله بن المبارك : قال معمر : قال الصبيان ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب ، فقال : ما للعب خلقنا . قال : فلهذا أنزل الله : { وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَٰيَحۡيَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَٰبَ بِقُوَّةٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِيّٗا} (12)

وهذا أيضا تضمن{[18699]} محذوفًا ، تقديره : أنه وجد هذا الغلام المبشر به ، وهو يحيى ، عليه السلام ، وأن الله علمه الكتاب ، وهو التوراة التي كانوا يتدارسونها بينهم ، ويحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار . وقد كان سنه إذ ذاك صغيرًا ، فلهذا نوه بذكره ، وبما أنعم به عليه وعلى والديه ، فقال : { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } أي : تعلم الكتاب { بِقُوَّةٍ } أي : بجد وحرص واجتهاد { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا } أي : الفهم والعلم والجد والعزم ، والإقبال على الخير ، والإكباب عليه ، والاجتهاد فيه وهو صغير حديث [ السن ]{[18700]} .

قال عبد الله بن المبارك : قال معمر : قال الصبيان ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب . قال : ما للعب خلقت{[18701]} ، قال : فلهذا أنزل الله : { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا } .


[18699]:في أ: "يضمن".
[18700]:زيادة من أ.
[18701]:في ف، أ: "خلقنا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَٰيَحۡيَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَٰبَ بِقُوَّةٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِيّٗا} (12)

{ يا يحي } على تقدير القول . { خذ الكتاب } التوراة . { بقوة } بجد واستظهار بالتوفيق وآتيناه الحكم صبيا يعني الحكمة وفهم التوراة وقيل النبوة أحكم الله عقله في صباه واستنبأه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَٰيَحۡيَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَٰبَ بِقُوَّةٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِيّٗا} (12)

المعنى فولد له وقال الله تعالى للمولود { يا يحيى } ، وهذا اختصار ما يدل الكلام عليه . و { الكتاب } التوراة بلا اختلاف لأنه ولد قبل عيسى ولم يكن الإنجيل موجوداً عند الناس . وقوله { بقوة } أي العلم به والحفظ له والعمل به والالتزام للوازمه ثم أخبر الله تعالى فقال { وآتيناه الحكم صبياً } ، واختلف في { الحكم } فقالت فرقة الأحكام والمعرفة بها ، و { صبياً } يريد شاباً لم يبلغ حد الكهول . وقال الحسن { الحكم } النبوة ، وفي لفظ صبي على هذا تجوز واستصحاب حال ، وقال فرقة { الحكم } الحكمة ، وروى معمر في ذلك أن الصبيان دعوه وهو طفل الى اللعب فقال إني لم أخلق للعب فتلك الحكمة التي آتاه الله عز وجل وهو صبي أهم لذاته اللعب . وقال ابن عباس : من قرأ القرآن من قبل أن يحتلم فهو ممن «أوتي الحكم صبياً » ،