تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَٰيَحۡيَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَٰبَ بِقُوَّةٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِيّٗا} (12)

الآية 12 : وقوله تعالى : { يا يحيى خذ الكتاب بقوة } قال بعضهم : خذ الكتاب بما قوى الله ، وأعانك . وقال بعضهم : خذ الكتاب ، واصبر على العمل بما فيه . وقال بعضهم : { خذ الكتاب بقوة } أي بجد . قال أبو بكر : الجد هو الانكماش في العمل ، والقوة ، هي احتمال ما حمل عليه .

وفيه دلالة نقص قول المعتزلة لأنهم يقولون بأن القوة تتقدم الفعل ، ثم لا تبقى وقتين . فيكون على قولهم أخذ بغير قوة ، وقد أمره أن يأخذ بقوة . فقولهم{[11921]} على خلاف ما نطق به ظاهر الكتاب .

وقوله تعالى : { وآتيناه الحكم صبيا } قال بعضهم : { وآتيناه الحكم } أي النبوة في حال صباه . وقال بعضهم : آتاه الله الفهم واللب . وقال بعضهم : الحكمة والعلم . فكيف ما كان ففيه فساد مذهب المعتزلة لأنهم يقولون : إن الله تعالى لا يخص أحد بنبوة ولا شيء من الخير إلا بعد أن يسبق من المختص له ما يستوجب ذلك الاختصاص ، ويستحقه .

فما الذي كان من يحيى في حال صباه وطُفُوليَّتِهِ ما يستوجب به النبوة ؟ وما ذكر من الحكم أنه أتاه ؟ فدل ذلك ( على أن ) {[11922]} الاختصاص منه يكون لمن كان إفضالا منه وإنعاما ورحمة لا باستحقاق من المختص له واستجابة .

وفي قوله تعالى : { يا يحيى خذ الكتاب بقوة } دلالة أنه كان نبيا حين{[11923]} كان أخبر أنه آتاه الكتاب .


[11921]:1 في الأصل و م : فقوله:
[11922]:2 ساقطة من الأصل و م.
[11923]:3 في الأصل و م: حيث.