فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَٰيَحۡيَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَٰبَ بِقُوَّةٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِيّٗا} (12)

قوله : { يا يحيى } ها هنا حذف ، وتقديره : وقال الله للمولود : يا يحيى ، أو فولد له مولود فبلغ المبلغ الذي يجوز أن يخاطب فيه ، فقلنا له : يا يحيى . وقال الزجاج : المعنى فوهبنا له وقلنا له : يا يحيى . والمراد بالكتاب : التوراة لأنه المعهود حينئذٍ ، ويحتمل أن يكون كتاباً مختصاً به وإن كنا لا نعرفه الآن ، والمراد بالأخذ : إما الأخذ الحسي أو الأخذ من حيث المعنى ، وهو القيام بما فيه كما ينبغي ، وذلك بتحصيل ملكة تقتضي سهولة الإقدام على المأمور به ، والإحجام عن المنهيّ عنه ، ثم أكده بقوله : { بقُوَّةَ } أي بجدّ وعزيمة واجتهاد { وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً } المراد بالحكم : الحكمة ، وهي الفهم للكتاب الذي أمر بأخذه وفهم الأحكام الدينية . وقيل : هي العلم وحفظه والعمل به وقيل : النبوّة وقيل : العقل ، ولا مانع من أن يكون الحكم صالحاً لحمله على جميع ما ذكر . قيل : كان يحيى عند هذا الخطاب له ابن سنتين ، وقيل : ابن ثلاث .

/خ15