ثم بين - سبحانه - سوء عاقبتهم فقال : { فَلَمَّآ آسَفُونَا انتقمنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ } .
وقوله : { آسَفُونَا } أى : أغضبونا أشد الغضب ، من أسف فلان أسفا ، إذا اشت غضبه .
أى : فلما أغضبنا فرعون وقومه أشد الغضب ، بسبب إصرارهم على الكفر والفسوق والعصيان ، انتقمنا منهم انتقاما شديدا ، حيث أغرقناهم أجميعن فى اليم .
قال الله تعالى : { فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } ، قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { آسفونا } أسخطونا .
وقال الضحاك ، عنه : أغضبونا . وهكذا قال ابن عباس أيضا ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومحمد بن كعب القرظي ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم{[26080]} من المفسرين .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله {[26081]} ابن أخي ابن وهب ، حدثنا عمي ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عقبة بن مسلم التجيبي{[26082]} عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد ما شاء ، وهو مقيم على معاصيه ، فإنما ذلك استدراج منه له " ثم تلا { فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } {[26083]} .
وحدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن قيس بن مسلم {[26084]} ، عن طارق بن شهاب قال : كنت عند عبد الله فذكر عنده موت الفجأة ، فقال : تخفيف على المؤمن ، وحسرة على الكافر . ثم قرأ : { فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } .
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : وجدت النقمة مع الغفلة ، يعني قوله : { فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } .
يقول الله تبارك وتعالى : فَلَمّا آسَفُونا يعني بقوله : آسفونا : أغضبونا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَلَمّا آسَفُونا يقول : أسخطونا .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، فَلَمّا آسَفُونا يقول : لما أغضبونا .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فَلَمّا آسَفُونا : أغضبونا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَلَمّا آسَفُونا قال : أغضبوا ربهم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة فَلَمّا آسَفُونا قال : أغضبونا .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَلَمّا آسَفُونا قال : أغضبونا ، وهو على قول يعقوب : يا أسَفِي عَلى يُوسُفَ قال : يا حزَني على يوسف .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ قال : أغضبونا ، وقوله : انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ يقول : انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عجّلناه لهم ، فأغرقناهم جميعا في البحر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.