فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

{ فَلَمَّا آَسَفُونَا } أي أغضبونا قاله المفسرون ، والأسف الغضب وقيل أشد الغضب ، وقيل السخط ، وقيل ، المعنى أغضبوا رسلنا قال ابن عباس فلما أسخطونا وأغضبونا أي بالإفراط في الفساد والعصيان { انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } ثم بين العذاب الذي وقع به الانتقام فقال { فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } في البحر وإنما أهلكوا بالغرق ليكون هلاكهم بما تعززوا به وهو الماء في قوله { وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي } ففيه إشارة إلى أن من تعزز بشيء دون الله أهلكه الله به وقد استضعف اللعين موسى وعابه بالفقر والضعف ، فسلطه الله تعالى عليه إشارة إلى أنه ما استضعف أحد شيئا إلا غلبه ، أفاده القشيري .

أخرج أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب وابن أبي حاتم عن عقبة ابن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال إذا رأيت الله يعطي العبد ما شاء وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك استدراج منه له وقرأ { فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } وعن طاوس بن شهاب قال كنت عند عبد الله فذكر عنده موت الفجاءة فقال تخفيف على المؤمن وحسرة على الكافر { فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } .