معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} (80)

قوله تعالى : { ترى كثيراً منهم } ، قيل : من اليهود ، كعب بن الأشرف وأصحابه .

قوله تعالى : { يتولون الذين كفروا } ، مشركي مكة حين خرجوا إليهم يجيشون على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عباس ومجاهد ، والحسن : ( منهم ) يعني من المنافقين : يتولون اليهود .

قوله تعالى : { لبئس ما قدمت لهم أنفسهم } ، بئس ما قدموا من العمل لمعادهم في الآخرة .

قوله تعالى : { أن سخط الله عليهم } ، غضب الله عليهم .

قوله تعالى : { وفي العذاب هم خالدون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} (80)

{ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } بالمحبة والموالاة والنصرة .

{ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ } هذه البضاعةَ الكاسدة ، والصفقةَ الخاسرة ، وهي سخط الله الذي يسخط لسخطه كل شيء ، والخلود الدائم في العذاب العظيم ، فقد ظلمتهم أنفسهم حيث قدمت لهم هذا النزل غير الكريم ، وقد ظلموا أنفسهم إذ فوتوها النعيم المقيم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} (80)

قوله تعالى : " ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا . . . . . . . . . . " أي : ترى - أيها الرسول الكريم - كثيرا من بني إسرائيل المعاصرين لك يوالون الكافرين ويحالفونهم عليك ؛ بسبب حسدهم لك على ما آتاك الله من فضله وبسبب كراهتهم للإِسلام والمسلمين .

والذي يقرأ تاريخ الدعوة الإِسلامية يرى أن اليهود كانوا دائما يضعون العراقيل في طريقها ، ويناصرون كل محارب لها ، ففي غزوة الأحزاب انضم بنو قريظة إلى المشركين ولم يقيموا وزنا للعهود والمواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين .

وفي كل زمان ومكان نرى أن اليهود يحاربون الإِسلام والمسلمين ، ويؤيدون كل من يريد لهما الشرور والأضرار .

وقوله : { لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ وَفِي العذاب هُمْ خَالِدُونَ } ذم لهم على موالاتهم للمشركين وبيان لما حق بهم من سوء المصير بسبب مناصرتهم لأعداء الله ، ومحاربتهم لأوليائه .

أي : لبئس ما قدمت لهم أنفسهم من أقوال كاذبة وأعمال قبيحة وأفعال منكرة استحقوا بسبها سخط الله عليهم ، ولعنه إياهم كما استحقوا أيضاً بسببها الخلود الدائم في العذاب المهين .

قال الجمل : و { ما } في قوله { لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ } هي الفاعل ، وقوله : { وَفِي العذاب هُمْ خَالِدُونَ } هذه الجملة معطوفة على ما قبلها فهي من جملة المخصوص بالذم فالتقدير : سخط الله عليهم وخلدهم في العذاب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} (80)

وقوله : { تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } قال مجاهد : يعني بذلك المنافقين . وقوله : { لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ } يعني بذلك موالاتهم للكافرين ، وتركهم موالاة المؤمنين ، التي أعقبتهم نفاقًا في قلوبهم ، وأسخطت الله عليهم سخطًا مستمرًا إلى يوم معادهم ؛ ولهذا قال : { أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } فسر بذلك ما ذمهم به . ثم أخيرًا أنهم { وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ } يعني يوم القيامة .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا مسلمة{[10191]} بن علي ، عن الأعمش بإسناد ذكره قال : " يا معشر المسلمين ، إياكم والزنا ، فإن فيه ست خصال ، ثلاثة في الدنيا وثلاثة في الآخرة ، فأما التي في الدنيا : فإنه يُذهب البهاء ، ويُورِث الفقر ، ويُنقِص العمر . وأما التي في الآخرة : فإنه يُوجب سَخَط الرب ، وسوء الحساب ، والخلود في النار " . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ }

هكذا ذكره ابن أبي حاتم ، وقد رواه ابن مَرْدُويه عن طريق هشام بن عمار ، عن مسلمة{[10192]} عن الأعمش ، عن شَقِيق ، عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - فذكره . وساقه أيضًا من طريق سعيد بن غُفَير ، عن مسلمة ، عن أبي عبد الرحمن الكوفي ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله .

وهذا حديث ضعيف على كل حال{[10193]} والله أعلم .


[10191]:في ر، أ: "مسلم".
[10192]:في ر، أ: "مسلم".
[10193]:ورواه ابن عدي في الكامل (6/317) من هذين الطريقين فقال: 1 - حدثنا عبدان، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا مسلمة، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة بن اليمان به.2 - وحدثنا جعفر بن أحمد بن علي بن بيان، حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا مسلمة بن علي، عن أبي علي الكوفي، عن الأعمش، عن شقيق عن حذيفة نحوه.ثم قال: "وهذا عن الأعمش غير محفوظ وهو منكر واختلف ابن عفير وهشام في إسناده، فقال هشام: عن مسلمة، عن الأعمش، وقال ابن عفير: عن مسلمة عن أبي على الكوفي، عن الأعمش، وأبو علي لا يدري من هو؟ ويروي هذا الحديث عن عبد الله بن عصمة النصيبي، عن محمد بن سلمة البناني، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الأحاديث غير محفوظة".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} (80)

القول في تأويل قوله تعالى : { تَرَىَ كَثِيراً مّنْهُمْ يَتَوَلّوْنَ الّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : ترى يا محمد كثيرا من بني إسرائيل يتولون الذين كفروا ، يقول : يتولون المشركين من عبدة الأوثان ، يعادون أولياء الله ورسله لبِئْسَ ما قَدّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ يقول تعالى ذكره : أُقْسم لبئس الشيء الذي قدمت لهم أنفسهم أمامهم إلى معادهم في الاَخرة . أنْ سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ في موضع رفع ترجمة عن «ما » الذي في قوله : لَبِئْسَ ما . وَفي العذابِ همْ خالدونَ يقول : وفي عذاب الله يوم القيامة هم خالدون ، دائم مُقامهم ومُكثهم فيه .