الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} (80)

قوله تعالى : ( نَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الذِينَ كَفَرُوا ) الآية [ 82 ] .

المعنى : ترى يا محمد كثيراً من اليهود يوالون( {[17373]} ) المشركين من عبدة الأوثان ويعادون أولياء الله( {[17374]} ) قال( {[17375]} ) مجاهد : يعني المنافقين( {[17376]} ) .

( لَبِيسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمُ أَنفُسُهُم أن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) ف ( أَنْ ) في موضع رفع( {[17377]} ) ، فالذي قدمت( {[17378]} ) لهم أنفسهم هو سَخَطُ الله بما فعلوا( {[17379]} ) . ( وَفِي العَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ )/ أي : مقيمون في الآخرة( {[17380]} ) .

المعنى( {[17381]} ) ( لعنوا )( {[17382]} ) –عند أكثر المفسرين- : أبعدوا من رحمة الله فمسخوا بذنوبهم( {[17383]} ) .

( و )( {[17384]} ) روى ابن( {[17385]} ) حبيب في حديث يرفعه إلى النبي عليه السلام أنه قال : الممسوخ خمسة عشر صنفاً : الفيل ، والدب ، والضب ، والأرنب ، والعنكبوت ، والخنفساء ، والوطواط( {[17386]} ) ، والعقرب ، والقنفذ( {[17387]} ) ، والدعموص( {[17388]} ) ، و[ الجريث ]( {[17389]} ) ، والقردة ، ( و )( {[17390]} ) الخنازير ، وسُهَيْلٌ( {[17391]} ) ، والزهرة( {[17392]} ) .

قيل : يا رسول الله ، فما كان سبب هؤلاء إذ( {[17393]} ) مُسخوا ؟ ، فقال : أما الفيل فكان رجلاً لوطياً ، وكان ينكح البهائم ، لا يدع رطباً ولا يابساً ، فمسخه الله فيلاً . وأما الدب فكان ( رَجُلاً )( {[17394]} ) مُؤنثاً يؤتى ، فمسخه الله دباً . وأما الضب فكان أعرابياً( {[17395]} ) يسرق الحاج فمسخه الله ضباً . وأما الأرنب : فكانت امرأة [ قذرة ]( {[17396]} ) لا تغتسل( {[17397]} ) من حيض ولا غير ذلك ، فمسخها الله أرنباً( {[17398]} ) . وأما الخنفساء : فكانت امرأة سحرت ضرتها فمسخها الله خنفساء( {[17399]} ) . وأما العنكبوت فكانت امرأة عاصية( {[17400]} ) لزوجها معرضة( {[17401]} ) عنه ، مبغضة له ، فمسخها الله عنكبوتاً( {[17402]} ) . وأما الوطواط : فكان رجلاً( {[17403]} ) يسرق الرطب من رؤوس النخيل ليلاً ، فمسخه الله وطواطاً ، وأما القنفذ( {[17404]} ) ، فكان رجلاً سيء الخلق( {[17405]} ) ، فمسخه الله قنفذاً( {[17406]} ) . وأما العقرب : فكان رجلاً همّازاً لا يسلم من لسانه أحد ، فمسخه الله عقرباً( {[17407]} ) . وأما [ الدعموص ]( {[17408]} ) فكان رجلاً نَمَّاماً يفرق بين الأحبة ، فمسخه الله دعموصاً( {[17409]} ) . وأما [ الجريث ]( {[17410]} ) : فكان رجلاً ديوثاً( {[17411]} ) يدعو الرجال( {[17412]} ) إلى حليلته( {[17413]} ) فمسخه الله [ جريثاً ]( {[17414]} ) . وأما القردة : فالذين تعدوا في السبت من بني إسرائيل . وأما الخنازير : فالذين سألوا عيسى( {[17415]} ) نزول المائدة ثم كانوا بعد نزولها أشد ما يكونوا( {[17416]} ) تكذيباً( {[17417]} ) . وأما سهيل : فرجل عَشَّار كان باليمن( {[17418]} ) متعدّياً فمسخه الله شهاباً( {[17419]} ) ، -وروي أن ( رسول الله صلى الله عليه وسلم )( {[17420]} ) يلعنه( {[17421]} ) إذا رآه- .

وأما الزهرة : فامرأة افتتن( {[17422]} ) بها هاروت وماروت ، فمسخها( {[17423]} ) الله شهاباً( {[17424]} ) .

وسورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن( {[17425]} ) . وروي أن فيها إحدى( {[17426]} ) وعشرين فريضة ليست في شيء من القرآن وهي : المنخنقة ، والموقوذة ، والمتردية ، والنطيحة ، وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ، وما ذبح على النصب ، وأن تستقسموا بالأزلام ، وما علمتم من الجوارح مكلبين ، وطعام الذين أوتوا الكتاب( {[17427]} ) حلٌّ لكم ، وطعامكم حلٌّ لهم ، ( وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُومِنَاتِ )( {[17428]} ) والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب( {[17429]} ) من قبلكم ، وتمام الطهور ، والسارق والسارقة ، وآية المحاربين ، ولا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ، وكفارة الإيمان( {[17430]} ) ، وتحريم الخمر ، وتحريم الصيد في الحرم ، وما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ، وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : المائدة آخر سورة نزلت( {[17431]} ) جملة ، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه ، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه( {[17432]} ) .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سورة المائدة تدعى في ملكوت الله : المنقذة ، تنقذ صاحبها من أيدي ملائكة العذاب وتخلصه( {[17433]} ) . وقد اختلف هل فيها منسوخ ( أولا )( {[17434]} ) ، وقد ذكرنا ذلك في [ موضعه ]( {[17435]} ) .


[17373]:- ب د: يولون.
[17374]:- انظر: تفسير الطبري 10/496 و497.
[17375]:- ب ج د: وقال.
[17376]:- انظر: تفسير الطبري 10/498.
[17377]:- انظر: تفسير الطبري 10/497، وفي إعراب النحاس 1/514: "على إضمار مبتدأ".
[17378]:- الظاهر من الخرم في "أ" أنها كما أثبت. د: تقدمت.
[17379]:- انظر: تفسير الطبري 10/497، ومعاني الزجاج 2/199، وإعراب مكي 235، وإعراب العكبري 454.
[17380]:- انظر: المصدر السابق.
[17381]:- ب: بمعنى. ج د: فمعنى.
[17382]:- المائدة: 66.
[17383]:- انظر: مسخهم في المحرر 5/165، والتفسير الكبير 12/63 و64، وأحكام القرطبي 6/252.
[17384]:- ساقطة من ب ج د. وفي هامش "د": "هنا: انظر: عدد الممسوخ وأسماءهم وفعلهم حتى مسخوا. الحمد لله الذي منّ علينا برحمته وبمحمد صلى الله عليه وسلم".
[17385]:- ب: عن ابن.
[17386]:- ب: الوصواط. ج: الوطواس.
[17387]:- ب ج د: القنفود.
[17388]:- في اللسان: دعمص: "الدُّعْموص: دُوَيْبَّة صغيرة تكون في مستنقع الماء...والجمع: الدَّعاميص والدَّعامِصُ".
[17389]:- هي في "ب" غير منقوطة الياء، أ: الجديث. ج: الحدية. د: الأحدية. والجِرِّيث: "نوع من السمك يشبه الحيات" اللسان: جر. وفي المتلقى 3/128: "الخريت... قال ابن حبيب: أنا أكرهه، لأنه يقال: إنه من الممسوخ"، ولم أعثر على "الخريت" وهو كما أثبت.
[17390]:- ساقطة من د.
[17391]:- "وسهيل": كوكب يمانٍ. الأزهري. سهيل كوكب لا يُرى بخراسان ويُرى بالعراق". اللسان: سهل.
[17392]:- "والزهرة –بفتح الهاء-: هذا الكوكب الأبيض" اللسان: زهر.
[17393]:- د: حتى.
[17394]:- ساقطة من ج ود.
[17395]:- ج د: أعربياً.
[17396]:- أ: قذيرة.
[17397]:- ب: تغتسل.
[17398]:- ب ج د: أرنب.
[17399]:- ج د: خنفوسا.
[17400]:- ج: عاصة. د: عاصت.
[17401]:- ج: فعرضت.
[17402]:- د: عنكوت.
[17403]:- د: رجل.
[17404]:- ج د: القنفود.
[17405]:- ب د: الحلق.
[17406]:- ب د: قنفوداً.
[17407]:- د: عقرب.
[17408]:- أ: الدعموس.
[17409]:- أ: دعموساً. ب: دغموساً.
[17410]:- أ: الجديث. ب: الجدية. ج د: الحدية. وانظر: التعليق عليه قبل قليل.
[17411]:- ب ج د: ديوتا.
[17412]:- د: الرحال.
[17413]:- ب: وحليلته.
[17414]:- أ: جديثاً. ب: حدنيا. ج د: حدية.
[17415]:- ب ج: عيسى بن مريم.
[17416]:- ب ج د: كانوا.
[17417]:- د: تكذيب.
[17418]:- ب: في اليمن.
[17419]:- "قال الليث: بلغنا أن سهيلاً كان عشّاراً على طريق اليمن ظلوماً، فمسخه الله كوكباً" اللسان: سهل.
[17420]:- ج: النبي.
[17421]:- ب ج د: كان يلعنه.
[17422]:- ب ج د: فتن.
[17423]:- فمسخه.
[17424]:- لم أعثر عليه بكامله، وانظر: الحديث عن سهيل والزهرة في تمييز الطيب من الخبيث 147، 204.
[17425]:- هو قول عائشة وابن عمرو في الدر 3/3.
[17426]:- ب: أحد.
[17427]:- ج د: الكتب.
[17428]:- ساقطة من أ.
[17429]:- ج د: الكتب.
[17430]:- ج: الأيام.
[17431]:- ساقطة من ج د.
[17432]:- انظر: قول عائشة لجبير مسنداً في الدر 3/3. وقد سبق ذكر قول بعض العلماء –بأن في المائدة ثمان عشرة فريضة- في أواخر تفسير الآية 4 من المائدة والتعليق عليه.
[17433]:- انظر: المحرر 5/5، وأحكام القرطبي 6/30 من غير ذكر: "وتخلصه"، وفي تفسير المائدة2: "ملكوت السموات".
[17434]:- ج د: أولى.
[17435]:- أ: مواضعه. وبعدها في ب ج: تم الجزء. وانظر: ما يتعلق بالنسخ في سورة المائدة في تفسير الآية 3 من المائدة، وفي ناسخ مكي 255 وما بعدها.