التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{تَرَىٰ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ يَتَوَلَّوۡنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} (80)

{ ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا } المراد بالكثير منهم كعب بن الأشراف وأصحابه من اليهود . والمراد بالذين كفروا المشركون في مكة . فقد ذكر أن فريقا من اليهود خرجوا إلى مكة ليتفقوا مع مشركيها على محاربة الرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين .

وقيل في تأويل الآية : إن الكثير من علمائهم وقادتهم يوالون الجبارين والطغاة ويزينون لهم أعمالهم كيما ينفذوا خططهم ويتمكنوا من تحقيق مآربهم وأهوائهم .

قوله : { لبئس ما قدمت لهم أنفسهم } أي لبئس ما قدموه من عمل ليجدوا جزاءه في الآخرة .

قوله : { أن سخط الله عليهم } الجملة هي المخصوص بالذم في محل رفع . كما تقول : بئس رجلا زيد . فزيد مخصوص بئس مرفوع . وفي رفعه وجهان . أحدهما : أن يكون مبتدأ ، وخبره بئس ومعمولها ، وثانيهما : أن يكون ( المخصوص ) خبرا لمبتدأ محذوف تقديره : هو زيد . أو هو { أن سخط الله عليهم } {[1030]} وسخط ، أي غضب . والسخط ضد الرضا وهو الغضب{[1031]} .

قوله : { وفي العذاب هم خلدون } الجملة في محل نصب على الحال .

والمعنى أن هؤلاء المنافقين المفسدين من اليهود قد غضب الله عليهم وأن جزاءهم أنهم مخلدون في النار أبد الآبدين .


[1030]:- المصدر السابق وتفسير الرازي ج 12 ص 69.
[1031]:- مختار الصحاح ص 290.