{ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ } أي : لأذهبنا حركتهم { فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا } إلى الأمام { وَلَا يَرْجِعُونَ } إلى ورائهم ليبعدوا عن النار . والمعنى : أن هؤلاء الكفار ، حقت عليهم كلمة العذاب ، ولم يكن بُدٌّ من عقابهم .
وفي ذلك الموطن ، ما ثَمَّ إلا النار قد برزت ، وليس لأحد نجاة إلا بالعبور على الصراط ، وهذا لا يستطيعه إلا أهل الإيمان ، الذين يمشون في نورهم ، وأما هؤلاء ، فليس لهم عند اللّه عهد في النجاة من النار ؛ فإن شاء طمس أعينهم وأبقى حركتهم ، فلم يهتدوا إلى الصراط لو استبقوا إليه وبادروه ، وإن شاء أذهب حراكهم فلم يستطيعوا التقدم ولا التأخر . المقصود : أنهم لا يعبرونه ، فلا تحصل لهم النجاة .
وقوله - سبحانه - : { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ على مَكَانَتِهِمْ فَمَا استطاعوا مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ } والمسخ : تبديل الخلقة وتحويلها من حال إلى حال ، ومن هيئة إلى هيئة .
أى : وفى قدرتنا إذا شئنا ، أن نغير صورهم الإِنسانية إلى صور أخرى قبيحة ، كأن نحولهم إلى قردة أو حيوانات وهم { على مَكَانَتِهِمْ } أى : وهم فى مكانهم الذى يقيمون فيه { فَمَا استطاعوا } بسبب هذا المسخ { مُضِيّاً } أى : ذهابا إلى مقاصدهم { وَلاَ يَرْجِعُونَ } أى : ولما استطاعوا - أيضا - إذا ذهبوا أن يرجعوا .
أى : فى إمكاننا أن نمسخهم وهم جالسون فى أماكنهم ، فلا يقدرون أن يمضوا إلى الأمام ، أو أن يعودوا إلى الخلف .
فالمقصود بالآيتين الكريمتين تهديدهم على استمرارهم فى كفرهم ، وبيان أنهم تحت قدرة الله - تعالى - وفى قبضته ، وأنه - سبحانه - قادر على أن يفعل بهم ما يشاء من طمس للأبصار ، ومن مسخ للصور ، ومن غير ذلك مما يريده - تعالى - .
وقوله : { وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِم } قال العوفي عن ابن عباس : أهلكناهم .
وقال السدي : يعني : لَغَيَّرْنَا خَلْقَهم .
وقال أبو صالح : لجعلناهم حجارة .
وقال الحسن البصري ، وقتادة : لأقعدهم على أرجلهم .
ولهذا قال تعالى : { فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا } أي : إلى أمام ، { وَلا يَرْجِعُونَ } أي : إلى وراء ، بل يلزمون حالا واحدًا ، لا يتقدمون ولا يتأخرون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.